من قتل رابسو؟
سؤال استهل به دكتور جامعي محاضرته تاركا عنان الخيال لطلابه للتفكير في الإجابة، وسريعا ما تبادر إلى أذهان الطلاب أن رابسو هو ذلك المنتج الشهير، الذي كان يُستخدم كمسحوق للغسيل في فترة الستينيات.
ولكن يا ترى من قتله؟، وما المغزى أصلاََ من هذا السؤال؟ وبعد مدة وجيزة من الاستغراب والحيرة، بدأ الطلاب بإجابات ساخرة وأخرى مترددة، فمنهم من قال إن أريل وهو الآخر مسحوق غسيل هو من قتل رابسو، أو تايد أو ماء النار، وإجابات أخرى ذات طابع أعمق من طلبة تأنت حتى أتت بإجابات مختلفة "وبالطبع كنت أنا منهم"، من عينة التكنولوجيا هي من قتلت رابسو، أو الجمود وعدم مواكبة التطور هو الفاعل.
والواقع أن كل تلك الإجابات صحيحة، فالدكتور كان يريد توصيل فكرة معينة بطريقة تفاعلية تساعد الطلاب على التفكير والاستنباط، ثم بدأ يسرد القصة، وهي أن مسحوق رابسو الذي كان يستخدم من حوالي نصف قرن واجه تحديات مصيرية، وهي وجود منافس جديد على الساحة وتغيرات طفيفة في المنتج الجديد ولكن نالت إعجاب جمهور المنتفعين، حيث أن الشركة الجديدة غيرت من استراتيجية التعبئة والتغليف، حيث استخدمت الأكياس البلاستيكية للتغليف، وبذلك تداركت خطأ وقع به رابسو بالفعل، وهو التغليف في عبوات كرتونية تعاني منها ستات البيوت، لإن المسحوق الباقي “بينشف” جواها لما بتطوله المياه.
وما كان من رابسو إلا أنه واجه ذلك المنافس المبتكر باستهزاء، ولم يلتفت إلى ذلك التطور في التعبئة والتغليف، وظل مصمماََ على استراتيجيته القديمة، إلى أن مات واندثر وأصبح في طي النسيان.
المغزى واضح من تلك القصة، وهو أن المتشبث برأيه الذي ربما يكون خطأ، يموت ويندثر، والمبتكر يعيش ويتطور ويسحق منافسيه، والناجح هو من يأخذ بأسباب النجاح ويتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب “فخليك أريل.. ومتبقاش رابسو”.