بعد اعتراف أمريكا.. ماذا تعني إبادة الدولة العثمانية للأرمن عقب الحرب العالمية الأولى؟
توجهت أنظار مواطني الأراضي التركية وأرمينيا إلى العاصمة الأمريكية واشنطن انتظارًا لقرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بالاعتراف بالإبادة الجماعية لعرقية الأرمن من قبل الأتراك في عهد الدولة العثمانية، لكن ماذا تعني إبادة الدولة العثمانية للأرمن عقب الحرب العالمية الأولى؟
بإعلان بايدن، اعتراف إدارته بمذابح إبادة الأرمن في عهد الدولة العثمانية، من قبل الأتراك، ليمثل أول رئيس أمريكي يعترف بالإبادة العرقية للشعب للطائفة الأرمينية في الأراضي التركية، سارعت السلطات التركية إلى رفض القرار، إذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن الاعتراف الأمريكي بإبادة الأرمن مسيس من قبل أطراف ثالثة، كما رفضت خارجية أنقرة بشكل قاطع الاعتراف الأمريكي بإبادة الأرمن، مضيفة أنه على الولايات المتحدة "النظر إلى ماضيها" بعد اعترافها بإبادة الأرمن.
إبادة الأرمن في الدولة العثمانية
بداية الأزمة الأرمينية بعدما تعرض الشعب الأرميني إلى سلسلة من الغزوات والهجرات من قبل الشعوب الناطقة بالتركية بداية من القرن الحادي عشر، قبل أن تتمكن الدولة العثمانية من بسط سيطرتها في القرن السادس عشر ودمج أراضيهم في الإمبراطورية العثمانية.
واحتفظت العرقية الأرمينية بالهوية القومية بفضل نظام الملل العثماني الذي منح الأقليات غير المسلمة استقلالية إدارية واجتماعية كبيرة.
وفي منتصف القرن التاسع عشر بدأت القوى الأوروبية الثلاث الكبرى بريطانيا وفرنسا والإمبراطورية الروسية، في ذلك الوقت، بالتشكيك في معاملة الدولة العثمانية لأقلياتها المسيحية والضغط عليها لمنح الحقوق المتساوية لجميع رعاياها.
ورفض المسلمين في الدولة العثمانية مبدأ المساواة للمسيحيين، وظل الأرمن، إلى حد كبير، مخلصين للدولة العثمانية خلال هذه السنوات، ما جعلهم يحصلون على لقب الملة المخلصة، منتصف عقد 1860، وقبل انتهاء القرن التاسع عشر بدأ الأرمن بالتساؤل حول وضعهم من الدرجة الثانية والضغط من أجل الحصول على معاملة أفضل من قبل حكومتهم.
وبانتهاء الحرب الروسية العثمانية عامي 1878 و 1877، بانتصارالإمبراطورية الروسية، تم تدمير المناطق الأرمنية بأكملها من خلال المذابح التي ارتكبت مع تواطؤ السلطات العثمانية، وتم إدراج بند يمنح الحكم الذاتي المحلي للأرمن في معاهدة سان ستيفانو التي وقعت 3 مارس 1878، إلا ان بريطانيا رفضت تلك المعاهدة.
وفي مايو عام 1895، أجبرت القوى الأوروبية السلطان عبد الحميد على التوقيع على حزمة من الإصلاحات الجديدة والتي هدفت إلى تقليص سلطات الخيالة الحميدية، وفي أكتوبر من ذات العام تجمع ألفي أرميني في القسطنطينية لتقديم التماس لتنفيذ الإصلاحات، لكن وحدات الشرطة العثمانية فضت التجمع باستخدام العنف، ما مثل بداية لمذابح ضد الأرمن في القسطنطينية لتنتشر في باقي المناطق، اسفرت ما مقتل أشخاص تراوحت أعدادهم ما بين 100,000 إلى 300,000 شخص.
وتطورت الأحداث بين الحكومة العثمانية والطائفة الأرمينية وصلا إلى حرب البلقان الثانية التي انتهت عام 1913، اتخذت الإمبراطورية العثمانية قرار بالقضاء على كل العناصر المسيحية في المجتمع العثماني ومصادرة ثرواتها، وتم تطبيق خطة ممنهجة لتحقيق هذا الهدف.
وخلال فترة الحرب العالمية الأولى وتحديدًا يوم 2 نوفمبر 1914، افتتحت الدولة العثمانية المسرح الشرق أوسطي للحرب العالمية الأولى عن طريق الدخول في أعمال عدائية إلى جانب القوى المركزية وضد قوات الحلفاء، أثرت على المراكز الأرمنية المكتظة بالسكان، كما أرسلت الحكومة العثمانية ممثلين إلى الكونجرس الأرميني لإقناعهم بلامشاركة في الحرب إلى جانبهم ضد الروس، وبرفضهم للطلب العثماني، وتعرض القسطنطينية للهزيمة، أعلن العثمانيون الجهاد ضد المسيحين في نوفمبر 1914.
وفي 25 فبراير عام 1915، أصدرت الأركان العامة العثمانية توجيه لجميع الوحدات العسكرية، بالإطاحة بجميع الأرمن الذين يخدمون في القوات العثمانية من مناصبهم وتسريحهم.
وفي إبريل 1915، زودت الحكومة العثمانية مدينة وان ب 4 آلاف جندي، تحت ذريعة التجنيد، وفي مايو من ذات العام أقرت الإمبراطورية العثمانية تشريعًا يسمح بالتهجير القسري للأرمن نحو معسكرات الاعتقال الصحراوية.
وأشارت تقارير وفقًا لموقع الأرشيف الوطني البريطاني، قتل ما يقرب من 600 ألف إلى أكثر من مليون أرمني خلال عمليات التهجير.
وخلال السنوات الماضية، حرصت الحكومات التركية المتعاقبة على رفض الاعتراف بمذابح الأرمن، رغم اعترافها بحدوث عمليات تهجير قسري، مؤكدة أن المنتمين للعرق الأرميني كانوا عنصراً متمرداً يجب ضبطه، كما أقرت بحدوث بعض عمليات القتل، إلا انها لم تكن موجهة من قبل الحكومة في ذلك الوقت.