"شمس".. قصة قصيرة لدعاء أحمد شكري
سبحتُ كثيرًا غارقةً بسيل دموعي، غصتُ فى دائرة مظلمة إلا من ضوء خفيف، مسلطًا عليَّ عود كبريت قد سبق إشعاله، فرحتُ أنفخ فى رأسهِ المحترقة، فأشعلته بأنفاسي وسمعتُ صوتًا خفيًا ،يقول لى انفخي ثانياً؛ فعلتُ، فزادت شعلته وكأنها شمعة، ظل مشتعلًا ولم ينقص من طوله شيئا، وأنا متيقنةٌ أنه ليس حلماً، ولكننى كنتُ شبه هائمة وخيطٌ رفيع لضم اليقظةَ بالحلم.
لم أعد أدرك أيقظة أنا أم لا، أشعر بجسدي مسترخيًا على سريري، أسمع همسي يهرول "لا إله إلا الله"، ثم رأيتُنى نائمة.
حكيتُ لصديقتى فقالت: هذا حلم بدا لكِ كأنه حقيقة.
تركتها تتحذلق بكلام سقط من أذني، سلبتني منها ذاكرتي التي تقلب صورًا، فشاهدتني يوم كنتُ منفطرة من البكاء، أضربني بحذاءٍ أنيق دنسّه الطين، أناجي الرب: أحتاجك يا الله، أخشى أن أكون ممن ختمت على قلوبهم.
أنهكني الحزن ؛احتضني النوم، رأيتني
أهرب من أهل الأرض إلى حبل نوراني، تسلقته حتى صعدت إلى السماء، فى نهايته أبهرني نورٌ مبدع للناظرين، وسمعتُ صوتًا يحدّث قلبي بصمت، انشرحتْ روحي، وكلما عدتُ إلى الأرض تعود روحي مثقلة فيجذبنى ذلك الضوء إلى السماء!
هزتني صديقتى: هوووه، إلى أي مدى شرد ذهنك؟
ودعتُها وانصرفتُ كالمجذوبة.
قضيت اليوم بروتينه الممل بين تنظيف منزلي و تصفح سريع للنت بأخباره وأشخاصه الأكثر مللا.
عثرت على منشور من دار الشروق ينوه عن رواية "كيميا"، برقت عيناي، لأنها من عبق عطر حبيبى شمس التبريزي.
قرأتُ البعض من سطورها، و زادت بهجتي حين دلتنى سطور الكاتب على رواية "بنت مولانا".
وسرعان ما قمت بالبحث عن الرواية و حفظتها فى ملفات مكتبتي الإلكترونية.
عدت أحلق بين صفحات رواية كيميا، أنتظر سيرة حبيبى شمس التبريزي، أغلب الروايات الأخرى تشعرني بملل، تجعلنى أنظر لعدد الصفحات بثقل و ألقى بها، أما إن حظيت برواية بها سيرته أو الصوفية أتمنى ألا تنتهى. جاءني اتصال شيطان العشق مهددًا توبتي بدس نفسه الخائبة لنفسي: اشتقتُ لما بيننا.
فأفلحت بتزكيتها فأردفتُ: لم يتبق بيننا إلا صلاتين، صلاة الجنازة والاستغفار.
-مش فاهم!
لم أبالِ به وعدت لشمسي ظهرت الشعلة مرة أخرى وقد صارت نورا ساطعاً، خيم عليَّ طيفُ لشيخ يرتدى ثوبا و شالا أبيض، أسرعت بتدوين ما حدث؛ فاختفى طيفُ الشيخ رغم أننى أشعر بأنفاسه.