شيخ الأزهر: التجديد الدائم في التراث هو المنوط به بقاء الإسلام دينًا حيًا متحركًا
قال فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن التراث كما إنه ليس مقبولا كله اليوم، فهو أيضا ليس مرفوضًا كله اليوم أيضا، كما يرى المتهورون ممن لا معرفة لهم بقيمة هذا التراث وشموخ منزلته في الخافقين، نعم تراثنا ليس كله قادرًا على مواجهة مشكلات العصر، لكنه ليس كله بعاجز عن التعامل معها، ومن هنا كان تركيز أسلافنا على الحركة المتجددة التي هي خاصة هذا التراث، والتي تتطلب لاستمرار هذا التراث حيًا مؤثرًا- فيما حوله- إلغاء عناصر وإبقاء عناصر أخرى، واستدعاء عناصر ثالثة من خارجه حسب حاجة المجتمعات الإسلامية ومصلحتها.
وأكد شيخ الأزهرخلال الحلقة السابعة عشر من برنامجه الرمضاني “الإمام الطيب” الذي يذاع للعام الخامس، أن التجديد الدائم في التراث هو المنوط به بقاء الإسلام دينًا حيًا متحركًا ينشر العدل والرحمة والمساواة بين الناس، والتراث حين يتخذ من" التجديد" أداة أو أسلوبًا يعبر به عن نفسه يشبه التيار الدافق، والنهر السيال الذي لا يكف لحظة عن الجريان، أو هكذا يجب أن يكون، وإلا تحول إلى ما يشبه ماء راكدًا آسنًا يضر بأكثر مما يفيد، والذين يظنون أنهم قادرون على مواجهة المستجدات بمجرد استدعاء الأحكام الجاهزة من تراث القرون الماضية، يسيئون- من حيث يدرون أو لا يدرون- لطبيعة هذا التراث العظيم، والتي ما أظن أن تراثًا آخر عرف بها من قبل، وأعني بها القدرة على التحرك لمواكبة الواقع المتجدد عبر خمسة عشر قرنًا، وتنزيل الخطاب الإلهي عليه.
وقالشيخ الأزهر الشريف، قد تحدثنا في الحلقة الماضية عن أول معوقات التجديد، وهو: إغفال التفرقة في فقهنا الإسلامي المعاصر بين ثوابت الشريعة ومتغيراتها، واليوم نتحدث عن معوق آخر لعب دورًا خطيرًا في تجميد حركة "التجديد"، وبعث نزعات التقليد والتعصب، وهذا العائق هو: "عدم التفرقة بين الشريعة، كنصوص إلهية من القرآن الكريم، أو نبوية من السنة الصحيحة، وبين الفقه كاستنباطات العلماء واجتهاداتهم في هذه النصوص، واستخراج الأحكام منها"، وإضفاء قدسية الشريعة على اجتهادات فقهائنا السابقين، واستدعاء فتاواهم وآرائهم التي قالوها ليواجهوا بها مشكلات عصرهم.