النصف الآخر من المستحيل
ولا يزال الكل يسبح في بحيرة أحلامه.. يجنح إلى السلم، يبحث عن مرفأ أمان، يحلم أن تنتهي كل أوجاعه، وتنطفئ نيران لوعته، وتخمد نيران قلقه، ويَسكن ضجيج تفكيره.
ونستمر داخل ذواتنا القاصرة نبحث عن النصف الآخر من الحقيقة، وأحيانًا عن البعد الآخر من الخيال.
نبحث عن السعادة ولا نعرف كيف نصنعها.. نُصدّر معاني التفاؤل ولا نستطيع أن نبقيها لوهلة فينا.. نرسم البسمة على شفاه الأخر ونشقى بدمعة حزن مقيمة تتراقص فى أعيننا.
دائمًا ما ننتظر القادم.. الوهم.. الحلم.. المستحيل، ونظنه ممكناً نمد له أيدينا لينتشلنا من براثن اليأس.
لا نكتفي بنصف الحقيقة بل نرغب فيها كاملة، وعندما تفصح عن نفسها بجرأة، وتعلن عن وجودها بجسارة ينطفئ بداخلنا جزء من مرارة الانتظار وفداحة الصدق ... الصدق الذى طالما طلبناه، وعندما تجلى ظله علينا ألمنا فتمنينا لو لم نطلبه أبدًا.
رحلة بحث بائسة عن الحب.. مشوار طويل من الأماني القائمة.. والأحلام المؤجلة.. صراع محتدم بين القائم، والمحتمل، والجائز، والأكيد والممكن.. والمستحيل .
وبين كل هؤلاء يطيب طعم المستحيل دائمًا في أفواهنا.. حتى ولو لم نتذوقه.. فالشيخ البعيد دائما سره باتع.
فالقمر صعب المنال هو مبلغ الأمل، وقمة الحلم، وجُل الأماني، ونسينا أو تناسينا أننا نُمنى أنفسنا دائما بالمستحيل لأننا نخاف دائمًا من الممكن.