خبير أثري: الاحتفال بشم النسيم أصله فرعوني
يحتفل الشعب المصرى بعيد الربيع "شم النسيم" ويخرجون إلى المتنزهات والحدائق للاستمتاع بالطبيعة فى جو يسوده السعادة والمرح والترابط الأسرى ويأكلون بعض الأكلات المفضلة والمميزة لهذا اليوم، وتعد الاحتفالات والأكلات المميزة لهذا اليوم من المورث الثقافى لدينا.
وقال هيرودوت إن المصرين سبقوا شعوب العالم بالاحتفال بالأعياد وعنهم أخذ اليونان هذا الاحتفال.
أصل العيد وأساس التسمية
كانت الأعياد تسجل بالأسماء، وكانت الأعياد تجمع المصريين ليدل على مدى الترابط، ولولا كانت الحضارة المصرية عظيمة لما تم توريثها وكان المصرى القديم عاشقا للطبيعة وللألوان، فاستخدم كل شىء ليكون جميلا ويوم الزينة المذكور فى القرآن الكريم من المعتقد أنه يوما للتزين وتجدد الوجود ولا نملك دليلا وحدا على تحديده، أما عن شم النسيم فليس هناك يوم ثابت للاحتفال به ولكن كان الاحتفال بأعياد الربيع.
وأما عن أساس هذه التسمية فهى ترجع إلى الفراعنة فكان المصرى القديم يقسم السنة إلى ثلاث فصول، وهى “أخت فصل الفيضان، برت وهو فصل الإنبات، شمو وهو فصل الحصاد”، ومن هذه التسمية أخذت كلمة شم وهى تعنى فصل شمو أى الحصاد وتجدد الحياة واستمرار الوجود.
وكان أول ظهور لكلمة شمو فى مقبرة "ميروركا" فى الأسرة السادسة بسقارة، وأضيفت لها فى لغتنا العربية كلمة النسيم مثلما تضاف الكثير من المسميات المصرية مثل صان وأضيف لها الحجر فأصبحت مدينة صان الحجر الأثرية وتونا وأضيف لها الجبل فأصبحت تونا الجبل الأثرية، وتمت إضافة كلمة النسيم ليصبح اسم العيد شم النسيم، فكان العيد قديما فى فصل شمو، يرمز الى تجدد الطبيعة من حيث الحصاد وتفتح الزهور وعيد الخلق وبداية الزمن، وكان المصرى القديم محبا للطبيعة وكان متأملا لكل ما فيها ووثق ذلك على جدران المقابر والمعابد.
وكان لدى المصرى القديم العديد من الأعياد منها الأعياد الدينية والأعياد الملكية وأعياد الفصول، وخلق الحياة التجدد والاستمرار وأعياد الطبيعة والأعياد الكونية وعيد الزمن وعيد الخلق والتجدد.
ويرتبط هذا العيد المعروف بشم النسيم بتجدد الحياة، فلاحظ المصرى القديم أن الشمس تشرق ثم تغيب ثم تبعث من جديد والقمر يضيء، ثم يظلم ثم يضيء من جديد والفيضان يفيض ثم يغيض ثم يفيض من جديد والنبات ينمو ثم يموت ثم ينمو من جديد، فمن هذا المنطلق آمن بالبعث بعد الموت من جديد فكانت فكرة البعث والخلود فحافظ على الجسد إلى أبد الآبدين، لتجدد واستمرار الحياة فيما بعد الموت.
وكانت زهرة اللوتس المقدسة تؤكد على مفهوم التجدد والاستمرار وإعادة الأحياء مثل خروج تمثال الملك من زهرة اللوتس، فعندما تستنشق زهرة اللوتس فأنك حقا تشعر برائحة مصر فكانت كل مقبرة بها الزهور والرحلات النيلية ومناظر الصيد واللقاءات الأسرية مظاهر الاحتفالات وتجدد الحياة ورمزية الأكلات والانطلاق إلى الأرض الخضراء والأرض الصفراء وعلى ضفاف نهر النيل والاستمتاع بالرقص والموسيقى، والخروج باكرا، وركوب النيل، والغناء والطرب، والاستمتاع بالطبيعة واستنشاق الزهور.
البيض
بعد غروب الشمس يوم الأحد ما قبل العيد يلون البيض وتكتب عليه الأمنيات والدعوات ويتم تعليقه فى الأشجار ومع شروق الشمس يقومون بتكسير البيض لتحقيق الأمنيات والدعوات كنوع من تجدد الحياة، ويرمز البيض لبداية الخلق حين ظهرت اليبضة على التل الأزلى وخرج منها الإله ليخلق السماء والأرض والهواء والرطوبة، كما هو في المعتقد المصري القديم، الاله الخالق الذى خلق نفسه بنفسه وكما يشكل العالم على شكل هيئة بيضة، وبداية الكون وقصه خلق الكون، والبيضة أيضا بها بعث واستمرا لوجود داخلها كتكوت صغير يخرج منها الاستمرار الحياة.
السمك
كان الاحتفال عند الفراعنة على نهر النيل على ضفاف حابى رب النيل وصور فى هيئة بشرية تجمع الذكر والأنثى ويرمز إلى القوه والخصوبة، وكان يقدم السمك، لذلك ارتبط السمك بهذا العيد فكان رمزا للحياة والنماء والخير، ووجود النيل العظيم وأما عن السمك المملح أو الفسيخ “رم” كان السمك عند المصري القديم هو أكثر شيء يتعرض للتلف، فلذلك عمد المصرى القديم إلى تجفيفه وتمليحه للبقاء أطول مدة كافية بعيدا عن التلف للحفاظ عليه ويعطى وجبة مفيدة ليس بها دهون وأما عن رمزيته فكان يذكرهم دائما بتجديد الحياة نظرا لتكاثر السمك بشكل كبير جدا فيذكر نفسه بالتجدد والاستمرار.
البصل
في الصباح الباكر يخرجون أمام البيوت ويدقون البصل على عتبات البيت لاعتقادهم بطردها للأرواح الشريرة، وحديثا اتضح لنا أن البصل مغذى ومفيد ويزيد من نسبة الأوكسجين في الدم، وهذا تجدد واستمرار للحياة أيضا، كما كان تعليق حزم البصل دلالة على طرد الأرواح الشريرة.
الخص
كان رمزا للمعبود مين رب الخصوبة والتناسل الذى كان يعبد في أخميم بسوهاج وكان يقدم له كقرابين ويحتوى على مادة زيتية تساعد في الإخصاب وأثبت العلم الحديث أن للخص أهمية كبرى فى عملية الخصوبة فيوجد به فيتامين H وبعض هرمونات التناسل.
وكان الخص من الأطعمة المهمة جدا لديهم لمعرفة ما بها من فائدة كبيرة والثوم يقتل الجراثيم والخص والترمس يحد من زيادة الأملاح فى الجسم والحمص الأخضر وهو ما يعرف بالملانة وقد جعلوا من نضوج هذه الثمرة مؤشرا على بداية وقدم الربيع.
من هذه الدلائل السابقة يتضح لنا أن بداية أعياد الربيع وتجدد الحياة ترجع إلى أكثر من 5000عام إلى الدولة القديمة، وكان معروفا في مدينة أون “عين شمس” التي كان بها اللبنة الأولى للخلق ومذهب التاسوع وهو عيد البعث وخلق الكون وأول أيام الزمان.