كيف تستغل فرصة وبركة العشر الأواخر وليلة القدر؟.. عمرو خالد يجيب
حث الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي على التخلق بخلق التواضع، قائلاً: "إنه لا يمكن أن تكون عبدًا لله حقيقة، إلا عندما تكون متواضعًا، مهما عبدت وصليت، وحفظت من القرآن، وأقمت بالليل، دون أن تتخلق بالتواضع، فأنت بعيد عن حقيقة العبودية لله".
ووصف خالد في الحلقة الحادية والعشرين من برنامجه الرمضاني "منازل الروح"، المتكبر بأنه "معقد، مريض، بعيد عن الله، بعيد عن الناس، أما المتواضع فهو قريب إلى الله، قريب إلى الناس، وأكثر سماحة، حتى إن ذلك يظهر أثره على الوجه، في نضارة وجمال، وارتياح، وهدوء أعصاب".
وحذر خالد من التخلق بالكبر، وهو أحد صفات إبليس: "قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ"، قائلاً: "الكبر يجعل الإنسان يعيش في الوهم، لأنه حتى لو لديه المال، أو كان صاحب منصب، سيشعر بعدها بـأنه يعيش في الوهم، وليس الحقيقة.. الحقيقة أن لا عظيم إلا الله.. والحقيقة أن الدنيا دواره.. لا يستقر لها حال.. هكذا خلقها الله.. وقال: "وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ".
ونقل خالد عن الفيلسوف الأمريكي "ارمسترونج"، قوله: "أكبر مصيبة في تاريخ البشرية هي الكبر، سواء للأشخاص أو الدول، كل صراع عائلي أو دولي، ابحث وراءه عن الكبر، ستجد أصل كل داء الكبر".
وقال إن "أول ذنب عصي به الله هو الكبر.. إبليس: "قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ () قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ()".
وعرف خالد معنى التواضع، بأن له معنيين، "الأول: هو الاستسلام للحق، وقبوله من الكبير والصغير، القوي والضعيف، الشريف والوضيع. والعند نوع من الكبر، بكل صوره وأشكاله، مع الزوجة، أو الابن، أو المرؤوس في العمل".
وقال إن للتواضع "تعريفًا آخر: هو خفض الجناح.. اللين مع الناس واللطف معهم، الرقة في التعامل معهم، الرقة واللين للخلق أجمعين. القوي الضعيف، الشريف والوضيع.. يقول الله تعالى: "وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ".
في المقابل، حذر خالد من أن "الكبر هو طريق النار، هو الطريق الأوسع لدخول النار.. النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، ويقول حاثًا على التحلي بخلق التواضع: "من تواضع لله رفعه".
واستطرد ناصحًا: "إياك أن تعامل الناس بفوقية، أو تسخر منهم، حتى ثبت لنفسك أنهم أقل منك على الرغم من أنهم قد يكونون أفضل منك".
وقال خالد إن "الله يرفع قدر المتواضعين في الدنيا، ويعلي مقامهم، ويكبرهم في عيون الناس، وهذه مسألة ليست لها علاقة بالغنى والفقر، "من تواضع لله درجة رفعه الله درجة حتى يجعله في عليين، ومن تكبر على الله درجة وضعه الله درجة حتى يجعله في أسفل السافلين".
ووصف عباد الله في الدنيا بأنهم "ملوك الآخر: "وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا"، ليس العجب من عبد يتودد إلى سيده، لكن العجب كل العجب من ملك يتودد إلى عبيده، "أوحى الله إلى داود عليه السلام فقال: يا داود لو يعلم المدبرون عني انتظاري لهم ورفقي بهم وشوقي إلى ترك معاصيهم لماتوا شوقا إليّ ولتقطعت أوصالهم لمحبتي يا داود هذه إرادتي بالمدبرين عني فكيف بالمقبلين علي؟".
وسرد خالد مواقف من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها أنه كان إذا سلم لا ينزع يده حتى ينزع الآخر يده، لا يصرف وجهه عن الأخر حتى يصرف الأخر وجهه، كان يجلس حيث انتهى به المجلس، كان هاشًا باشًا.
وجاءه رجل يرتعد خوفًا منه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هون عليك إني لست بملك إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد (اللحم المجفف) بمكة".
وقال إنه "كان صلى الله عليه وسلم يركب البغلة مع قدرته على ركوب الخيل تواضعًا، النبي لديه الفرس ويركبه أحيانًا، لكن أحيانًا كان يحب يمشي بين الناس وهو راكب بغلته، صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم".
وذكر أنه "عندما عاد من خيبر منتصرًا، أراد أن يدخل المدينة ماشيًا تواضعًا منه، عندما دخل مكة منتصرًا، كان مطأطئ، وأحنى ظهره على ناقته، حتى لا يدخل مرفوع الرأس تواضعًا لله".
وروى خالد أنه "كانت هناك فتاة في المدينة من ذوي الاحتياجات الخاصة، تأتي للنبي صلى الله عليه وسلم، وتمسك بيده حتى يأخذها إلى السوق، فيشتري لها ما تريد حتى تمل هي، انظر كيف كان تواضعه، وكان هذا سببًا في نيل محبة الناس، وأنت أيضًا سيحبك الناس عندما تتخلق بخلق التواضع".
وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوصي بإحسان المعاملة للخدم، - فيقول: "هم إخوانكم خوَلُكم جعَلَهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليُطعِمْه ممَّا يأكلُ ويُلبِسْه مما يلبَس ولا تكَلِّفوهم ما يغلِبُهم، فإنْ كلَّفتُموهم فأعينُوهم، ومن لم يلائِمْكم منهم فبيعوهم، ولا تعَذِّبوا خَلقَ الله".
وبيّن خالد أن هناك أمرين يجعلان الإنسان يعيش متواضعًا:
-منزلة العبودية لله: "وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا".. مخلوقات ربنا أكبر منك بكثير، كلما رأيت مشاهدة عظمة ربنا، تواضع للناس، فالدنيا دوارة: "وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ".. تواضع لله، انزل من برجك العاجي، وإياك أن يكون الكبر في قلبك، حتى لا تدخل الجنة، أول شيء يساعدك على التواضع، مشاهدة عظمة الله وقدرته وسلطانه، من أراد التواضع فليوجه نفسه إلى عظمة الله فإنها تصغر النفس أمام جلال الله.
-الأمر الثاني، كيف تتعلم التواضع.. عامل الخدم برفق، وجالس مع من يعملون لديك، وعاملهم بلطف واضحك معهم.. اركب المواصلات واترك سيارتهم.. اصبر على من هم أقل منك، إياك أن تسخر ممن أقل منك.
وحتى تعرف ما إذا كنت متواضعًا، نصح خالد بـ "سؤال من يعملون لديك، أسأل المساكين، أسأل أصحابك كيف يرونك؟، وهناك شيء أعمق، أسأل نفسك.. هل أنت متواضع في طريقة حياتك".
ووصف خالد التواضع بأنه "أسلوب حياة"، قائلاً: "كلما تواضعت، سيرفعك الله عاليًا، ويزيد مراتبك أكثر وأكثر، ويحبب فيك خلقه"، معتبرًا التواضع من "أجمل الصفات التي تقلد فيها النبي والصحابة".