في ذكرى ميلاد يوسف إدريس.. لماذا هاجم الشعراوي والسادات؟
في مثل هذا اليوم 19 مايو، ولد "تشيكوف العرب"، الدكتور يوسف إدريس، القصاص والروائي الكبير، لُقب بـ"تشيخوف العرب" نسبة للأديب الروسي "أنطون تشيكوف"؛ لأنه كان أكثر الروائيين اقترابًا من القرية المصرية، فمن خلال روايته وقصصه تستطيع أن ترى ملامح الريف المصري الأصيل.
كان إدريس شخصية مثيرة للجدل بسبب المعارك الفكرية والأدبية التي خاضها، ولم تكن المعارك معه هينة فهو كان لا يخشى شيئًا وصراحته تنطلق بلا قيود.
إدريس والبحث عن السادات
كانت علاقة إدريس بالسادات علاقة قوية، إلا أنها لم تدم لتنقلب تلك الصداقة لعداوة، ومثلما كانت الصحافة هي سبب جمعهم ببعض كانت السبب في تفريقهم عن بعض، نشأت العلاقة بينهما عندما كان إدريس يبحث عن فرصة عمل في مجال الصحافة، وكان السادات حينذاك ضابط وعضو في مجلس قيادة الثورة ومسؤولًا عن الصحيفة الناطقة باسم الثورة.
طلب السادات منه أن يكتب له في عمود يومي بجريدة الجمهورية، أي أن ما يكتبه إدريس يوقع عليه السادات، فكان القراء يظنوا أن من يكتب هو السادات، ليس هذا فقط، بل أيضًا كتب نيابة عن السادات 3 كتب، إلا أن تلك العلاقة القوية تمزقت، ليصبح القلم الذي كان يكتب وباسم السادات يكتب مهاجمًا له، ففي حرب 73 كتب إدريس مهاجمًا الخرب واصفًا إياها بالتمثيلية، فاتهمه البعض أنه فعل ذلك بتحريض من القذافي رئيس ليبيا، ومن هنا شب الخلاف وتدهورت العلاقة، وكتب بعدها إدريس كتاب بعنوان "البحث عن السادات".
عفوًا يا مولانا
"عفوًا يا مولانا" كان هذا عنوان إحدى مقالات يوسف إدريس التي نُشرت في جريدة الأهرام مهاجمًا فيها الشيخ متولي الشعراوي، وكان سبب هذه المعركة بين الشيخ الشعراوي وإدريس، هو خلاف بين فضيلة الشيخ الشعراوي وتوفيق الحكيم، حينما هاجم الشيخ الشعراوي مقال لتوفيق الحكيم بعنوان "حديث من الله"، ولم يكن الخلاف بينهما كبير فإن توفيق الحكيم امتثل لرأي الشيخ الشعراوي وغير عنوان المقال.
إلا أن الخلاف بين الشعراوي وإدريس لم يهدأ بل أن ذلك كانت البداية، فالعظمى الكبرى بينهما كانت بعد نشر إدريس لكتابه "فقر الفكر وفكر الفقر"، الذي وصف فيه الشعراوي بأنه "تمتع بكل خصال راسبوتين المسلم، قدرة على إقناع الجماهير البسيطة، وقدرة على التمثيل بالذراعين وتعبيرات الوجه، وإن له قدرة على جيب كبير مفتوح دائمًا للأموال، وأنه يملك قدرات أي ممثل نصف موهوب".
ومع احتدام الخلاف بينهما وغضب الملايين من كلمات إدريس، تدخل وزير الثقافة الدكتور أحمد هيكل، وقال أن هذا الكلام ساقط، وأكد على أن الشعراوي مفخرة لمصر، وعلق سعد الدين وهبه، قائلًا: "هذا كلام لا صلة له بأي فكر أو ثقافة، هذا سقوط من الكاتب وإسفاف"، قدم إدريس اعتذار في مقال بجريدة الأهرام بعنوان "توضيح عاجل واعتذار"، موضحًا فيه أن ما نُشر هو خطأ فني مطبعي وأنه لم يكن يقصد التجريح في شخصية عظيمة كالشيخ الشعراوي.
وتم الصلح بينهما، عندما كان الشعراوي في لندن يتلقى علاجًا في مستشفى ولنجتون، وكان إدريس يتلقى علاجه في نفس ذات المستشفى، وعندما علم أن الشعراوي خرج من المستشفى ولم يغادر لندن بعد، طلب من صديق له توصيل تحياته وأمنياته بالشفاء للإمام، فذهب الشعراوي له ليزوره ويتمنى له الشفاء.