"خط النهاية".. قصة قصيرة للكاتبة مرفت البربري
أنا كاتبة أملك أدواتي كما يصفني بعض النقاد، قصصي يقرأها العامة والمثقفون، يعجب بها الكثير.. البعض يبحث عن مثالبها كما كانت تفتش أمي عن الزلط و(الدنيبة) في كيس الأرز النظيف مخافة أن يكون هناك ما لم تنتبه له الشركة المنتجة التي تكتب على غلافه (من الكيس إلى الحلة).
أحاول في كل مرٌة أن أكسب ثقة النّقاد بأن أبتكر فكرة جديدة وأتناولها بأسلوب لا يخطر على قلب كاتب، وبالفعل أنجح في ذلك، أختار العنوان المبدع الذي لا يفضح سرَّ القصّة الذي لابد أن يختفي عن أعين الرقباء الباحثين عن فضيحة النصّ، فتسقط قصتي وعندما أستوضح الأمر من النقاد المحكمين، يقولون:"إن العنوان هو عتبة النص وكانت العتبة عالية بعض الشيء فلم نستطيع الدخول".
هذا العنوان أختاره، يكاد ينافي مضمون قصّتي ويحفظ للخاتمة صدمتها ودهشتها فيفغر القارئ فاه عندما يصطدم بأن البطل كان هو اللصَّ الذي يطارده طوال القصّة، يخبروني بأن دهشتهم لنفس السبب نالتها القصّة الفائزة، كانت الأسبق في القراءة والاندهاش، أراعي وحدة الموضوع، فيخبروني بأن قصّتي ليست ثرية ، أحذف كثيرًا من الجمل تحت وإن لم تكن زائدة كي أصل إلى التكثيف المطلوب، يُوصِمون قصّتي بالفارغة.. أصنع المفارقة التي تشحذ انتباه القارئ، أكتب بعض الجمل الساخرة وأقحمها حتى لو لم يكن الموضوع يحتملها؛ ليتوافر عنصر السُّخرية والإدهاش، أستخدام الرمز، والحذف، والإضمار، والإيماء والتلميح والإيهام..
آخر مرة تقدمت فيها لمسابقة صنعت أحجية تكتمل عندما لا يصل المتلقي إلى مافي بطن الكاتب، ولكنني عندما تقدمت لم أنل ما يناله الفائزون من شهادات تقدير ومنشورات فيسبوكية تمنحهم الشهرة والصِّيت، لأجد قصتي التي بذلتُ فيها جهدًا جهيدًا لتنال شرف إعجاب لجنة التحكيم ليست من القصص التي أدهشتهم خاتمتها ، أقرأ القصص الفائزة، فلا أندهش ، بل أجد استنساخا من قصص الأوّلين، لم أيأس وحاولت مرارا وتكرارا وفي كل محاولة لا يحالفني حظ الفوز . تركت كل المسابقات بعدما وصلني وعلمت أن بعض المسابقات الأدبية تماما كمسابقات الوظائف الحكومية، معلوم مسبقا من هو الفائز ، ولابُدَّ ان يكون مقربًا بطريقة ما من لجان التّحكيم.
كتبتُ لنفسي وللقارئ المتذوق ولم أعِر النقاد اهتمامًا، ولكن لايزال حلم الفوز يراودني، ووسوس إليّ شيطاني أن أشترك في مسابقة جائزتها رقمًا يجعلني أنشر كلَّ ما هو متكدسٌ بدرج مكتبي، تقدمت ويالفرحتي عندما وجدت اسم قصتي بقائمة الفوز!
نعم هو اسم قصتي ولكن من هذه التي وضعوا اسمها بجوار اسم قصتي، هي ليست أنا، إنه ليس اسمي، قرأتُ القصة الفائزة، وجدْتُها قصّتي وقد أصابها التشويه، أقصد التغيير، غيّروا أسماء أبطالها وبدّلوا بعض أحداثها، وكان من أهم المتغيرات التي تمنحها الفوز... تغيير اسم الكاتبة.