سعيد خالد يكتب: خطر سارسيل جعل منك مجرمًا يا رياض
وراء كل نجاحًا مآسي وعبور محطات فارقة في الحياة، ليس النجاح وليدًا للصدفة أو الموهبة فقط، لكن هناك الكثير ماهو في باطن الحكاية، مابين دوافع وتحدي ورغبات الوصول إلى القمة ومعانقة المجد، أو مابين حياة فقيرة أظهرت لك كيف هي قسوة العالم من حول.
يجوز أن تكون السينما هي مرآة للواقع لكنها لاتظهر كل التفاصيل، لكنها أرتنا كيف أن تكون بعض الصعوبات التي تواجه طريق المجد، وبطل قصتنا هو رياض محرز، والذي خرج من شوارع سارسيل تلك البلدة القابعة في ضواحي باريس، والتي تُعرف بأنه من الخطر العيش بها إنها ليس المكان الآمن لطفل مثل محرز مكانًا يعج بالخطر والإجرام وتجارة المخدرات، كانت ملاذًا للأشرار من المهاجرين.
لك أن تتخيل أن هذا الذي يصول ويجول في الملعب، وسرعته تتخطى من حوله، كان كسولًا لايأبه سوى للأكل والنوم، لم تثيره تلك القصص أن موهبة خرجت من نفس الحي والتي دفعت بقوة أبواب التاريخ، لم يأبه لحكايات زين الدين زيدان، والذي كانت حياته مماثلة لذلك النجم الساطع الذي خرج من ظلام سارسيل.
جاءت الدفعة لمحرز من وفاة والده، والذي كان يُمني نفسه بأن يكون ولده لاعبًا للكرة مثل زيزو، لكن تلك الضربة أفاقت رياض هذا الشاب الذي كان يعاني من ضعف الجسد، أثارت تلك الوفاة بركان التحدي، فوالده الذي خلق في داخله حب كرة القدم، وفاته كانت شرارة انطلاق الدافع لإكمال المسيرة وأن لايخيب ظنه.
" أخبروني أنني ضعيفًا لا أصلح لكرة القدم".. لك عزيزي القارئ أن تتخيل كم الإحباط في تلك الكلمات، إنها كافية أن تجعلك تنتحر قاطعًا شرايين حياتك، لكن محرز اسخدمها كالهشيم في النار، ليثبت للجميع أن دماءه الأمازيجية لن تستسلم.
حصل محرز على فرصة للاختبار في نادٍ درجة رابعة، يحمل اسم “كيمبير” لكن كان سيتدبر ثمن تذكرة استقلال القطار إلى غرب البلاد، لكن حصل عليهم من والدته مع وعد أن يردهم لها لحظة توقيع العقد، لكن رفض رئيس النادي التوقيع معه على عقد بسبب ضعف الجسد، لينهمر الشاب رياض في البكاء خلال محادثته لوالدته تليفونيًا.
تدخل القدر ليراه رئيس النادي مرة أخرى خلال بكائه، لتنقلب الأمور رأسًا على عقب ومن بعدها يتم توقيع معه أول عقد في حياته عقب 24 ساعة فقط.
من كيمبر عام فقط لينتقل إلى لوهافر في 2010، وهناك قضى 4 سنوات فقط ليكون في الدوري الإنجليزي الممتاز، برفقة ليستر سيتي، البركان بدأ في الثوران، محرز يقود ليستر للمعجزة والتتويج بالدوري، ماذا يحدث يامحرز؟
في صيف 2018 انتقل إلى مانشستر سيتي، ومع فترات ليست بجيدة مع بيب جوارديولا وابتعاد عن المشاركة في الكثير من الأحيان بات محرز الآن نجم الشباك، عقب الوصول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه وتاريخ النادي، محرز على وشك معانقة ذات الأذنين، الجزائري يقترب من كتابة تاريخ ويبدو أن خطر سارسيل خلق منه مجرمًا لكنه أروع مجرم في التاريخ إنه مجرمًا لكرة القدم.