"في قلبي أنثى عبرية" وتعايش الأديان
واية في قلبي أنثى عبرية للكاتبة التونسية الدكتورة خولة حمدي، هي قصة حب حقيقية بين فتاة يهودية وشاب من المقاومة اللبنانية، تقع أحداثها بين جزيرة جربة التونسية ومدينة قانا اللبنانية بين مجموعة من الأسر التي تشابكت أنسابهم بفعل الجيرة والمصاهرة على مر الزمان، ولكنهم يتعايشون معا في سلام نفسي واجتماعي رغم اختلاف الأديان.
ففي جربة جاكوب اليهودي يتبنى ريما المسلمة بعد وفاة أمها، ولكن عندما كبرت وتدينت خافت زوجته من تأثر أبنائها بها، فيبعثها إلى شقيقته راشيل في قانا، ولكن زوجها يتحرش بها، فتهربها عند صديقتها سونيا وتعمل خادمة لديها، وتنشأ بينها وبين ابنتها ندى صداقة كبيرة حتى تقتل في غارة إسرائيلية على سوق شعبي، بينما تنقذ ندى اليهودية حياة أحمد المسلم بعد إصابته في أحد عمليات المقاومة اللبنانية، وتقع في حبه ويخطبها ثم يفقد ويؤسر، بينما يموت زوج أمها وشقيقاها المسيحيان وأطفالهم في حادثة سيارة ، فتراجع نفسها وتشهر إسلامها لتأثرها بريما وصمودها في وجه الحياة بشجاعة، وما تركه أحمد في حياتها من بصمات، فتطردها أمها إلى أبيها سالم المسلم في جربة، وتسكن عند صديقه جاكوب وتقنع ابنته سارة بالإسلام ومن ثم أسرتها، وتعود ندى لقانا وتخطب لحسان صديق أحمد .. ثم يعود أحمد وقد فقد عقله.. فتساعده حتى تعود له ذاكرته ويتزوجان.
وجاء السرد شيقا وممتعا ولكن كثرة النظرية والمباشرة غير المبررة تؤدى إلى الملل على فترات متباعدة.
التناول عصري ومتفرد ويتجاوز المناطق الشائكة بكل سهولة ويسر، ولكن تضارب الأحداث بين الشخصيات في جربة وقانا أدى إلى تشتت القارئ، ولكن صلة القرابة والترابط بين الشخصيات وتصارع الأحداث والتطور الطبيعي لها أدى إلى فك الغموض والطلاسم وإن جاء ذلك متأخرا.. أما اللغة فهي سهلة وبسيطة ولكن هناك بعض الكلمات العامية التي تأخذك خارج سياق الموضوع.
وجاءت نهاية الرواية منطقية وتعكس سير الأحداث المتشابكة وتطورها الطبيعي وتأثير الاختلاف العقائدي والمذهبي عليها، وما مروا به من صعاب وأهوال أخذتهم إلى مرحلة فاصلة من المراجعات والمكاشفات، ومن ثم إلى السلام النفسي والإدراك الحسي والبرهان العقلي، وهو ما سعت إليه الكاتبة من البداية حتى النهاية.
