موسيماني.. المُفترى عليه
لا يمكن المقارنة بين مدرب ترك فريقه في منتصف المواسم وعلى أبواب مباريات فاصلة في بطولات مهمة كما فعل رينيه فايلر، وبين مدرب جاء للأهلي بمجرد أن طلبه لينقذ ما يمكن إنقاذه، الأخير حرّكه الحب والأول المصلحة، الأخير عشق اللون الأحمر وسحر القاهرة والأول تأفف من زحام المحروسة، لكل شخص الحق في الاختيار لكن لا مقارنة بين الحب والمصلحة، هي أشياء لا تُشترى.
لكن الحب وحده لا يكفي، وكمشجعة قبل أن أكون كاتبة أدرك أن الحب الطاغي يضر أكثر مما ينفع، وبالتالي تلك الكلمات ليست دفاعًا عن مدرب التقيته قبل أن يتولى تدريب الأهلي ودار حديث جانبي عرفت فيه مدى عشقه وتقديره لـ"الأحمر"، لكنها كلمات للحقيقة، الحقيقة أولًا وقبل كل شيء.
أخطأ "موسيماني" في إدارة بعض المباريات، هذا أمر إنساني يجب علينا أن نقبل به رغم عشقنا الجارف للنادي الأهلي الذي عوّدنا أن نراه دائمًا منتصرًا، ورغم صعوبة المعادلة وعدم تحقيقها لأن أي نادي يخسر في النهاية، أقول رغم كل ذلك لكنه الأهلي الذي لا يتخلى عن تلك المعادلة التي يحقق فيها نجاحًا يفوق الـ90%، ليست تلك مبالغة فالأرقام والبطولات تقول ذلك.
أما بالنسبة لـ"موسيماني" فهو طبيعي ويحدث مع كل مدربي العالم، لن أتحدث عن ضغط المباريات أو إرهاق اللاعبين أو عدم استجابتهم للأوامر أو أو، لأنه بصراحة حتى بدون تلك العوامل أليس من حق الفريق أن يخسر، تبدوا الكلمة صعبة على جماهير الأحمر وعليّ قبلهم لكن أليست تلك هي الحقيقة التي يجب أن لا ننساها لحظة.
المشكلة أنه مع كل تعثر أو مباراة دون المستوى، تتعالى الهجمات ضد "موسيماني" باعتباره مُدربا لا يصلح للأهلي، ورغم أني أدرك أن المدير الفني دائمًا في "وش المدفع" لكن ما يحدث مع المدرب الجنوب إفريقي يبدوا لي مقصودًا أكثر من كونه مجرد هجوم، فلا حديث عن اللاعبين أو أي شيء آخر، فقط "موسيماني".
أما النغمة السائدة في أفواه هؤلاء أنه مدرب لا يجيد سوى إدارة المباريات الكبرى، بصراحة حاولت قراءة الجملة أكثر من مرة، استعنت فيها بكل ما أملكه من مهارات ومتابعة للكرة محلية وعالميًا لأعرف أين الخطأ في مدرب يجيد لعب المباريات الكبرى فلم أجد، الأصح أنها مميزات تضاف لأي مدرب بل وتعلي من قيمته التسويقية عالميًا.
بل وللإنصاف فإن أي مدرب يتولى تدريب النادي الأهلي يجب أن تكون أولى صفاته أنه يجيد لعب المباريات الكبرى، لأنه لا يُدرب ناديا محليا ينافس على المركز الثاني أو الثالث أو يصارع من أجل البقاء في الدوري، بل يدرب النادي الأكثر شعبية في إفريقيا، صاحب الشعبية الجارفة، نادي يلعب كل عام في دوري أبطال إفريقيا التي حصل على 9 نسخ منها، نادي يتواجد بقوة في كأس العالم للأندية ويحصد جوائز ويناطح أشهر الأندية عالميًا، بالمقارنة فمباريات الأهلي الكبيرة بل وكل مباريات الأهلي كبيرة فلماذا نلوم "موسيماني".
بالطبع من يهاجمون "موسيماني" ويرددون تلك النغمة يقصدون أنه يركزّ فقط في المباريات الكبيرة لكنه لا يولي اهتمامًا للمباريات العادية التي هي مهمة أيضًا لتحقيق البطولات، ربما أقبل تلك الوجهة دون الحديث أن عيوبه إدارة المباريات الكبرى، لكن على الأقل علينا أن نعطي الأشياء حقوقها، فخلال الفترة الماضية ظهر أكثر من لاعب كان موجود في النادي الأهلي "على الدكة" لكن "موسيماني" منحهم الفرصة وأثبتوا أنهم لم يحتاجوا سوى من يؤمن بهم ويعطيهم الفرصة وهذا كله يصب في مصلحة النادي.
علينا أن نعرف أيضًا أننا أمام مُدرب حتى تلك اللحظة لم يحظى بفترة إعداد كافية لأن يتولى فريق جديد، فالرجل جاء من الدار للنار، بطولة إفريقيا التي استطاع حسمها، مباريات مهمة في كأس العالم للأندية الذي حصد فيه البرونزية بعد أداء جيد أمام بايرن ميونيخ، الفوز على نادي الزمالك أكثر من مرة، بل أقول أنه لو كسب موسيماني كل المباريات العادية دون أن يحقق بطولات أو يحسم الديربي لطالب جماهير الأهلي برحيله فورًا، لكنه حقق البطولات وأعلن عن نفسه وسط كثير من الظروف التي حالت دون أن يلتقط الرجل نفسه، فلا داعي للافتراء عليه هو أو غيره.