حكم نهائي.. مصر خالية من "التعذيب الممنهج" والمصرية ملتزمة بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان (بالمستندات)
قضت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى فحص، بإجماع الآراء، برفض الطعن رقم 38647 لسنة 62 ق عليا وتأييد الحكم التاريخي الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة في الدعوى رقم (90) لسنة 13 قضائية بجلسة 11 يناير 2016، برفض الدعوى المقامة من (أ.ى.ا)، ضد وزير الداخلية وأحد الضباط، طالباً إلزامهما متضامنين بأن يؤديا له تعويضا عما زعمه من أنه تعرض للتعذيب حينما تم القبض عليه بقسم شرطة إيتاى البارود بمحافظة البحيرة، وهو ما رفضته المحكمة فى أربعة عشرة صفحة تثبت انتفاء شبهة ممنهجة التعذيب عن جهاز الأمن المصري من خلال ما سطره هذا الحكم من مبادئ وأدلة قاطعة تعكس مدى التزام منهج وزارة الداخلية المصرية برعاية معايير حقوق الإنسان، وأنها لا تتستر على أى واقعة يمكن أن يرتكبها أحد ضباطها.
وقالت محكمة القضاء الإداري برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن الدولة المصرية بموجب دستورها تحترم التزاماتها الدولية وتلتزم بالاتفاقات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها، باعتباره العمق الإستراتيجى لفكر الدولة القائم على التنمية الشاملة، وأن وزارة الداخلية لم تنتهج ثمة تعذيب ممنهج على المدعى كما ادعى بهتاناً، فالشرطة فى خدمة الشعب وولاؤها له وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتسهر على حفظ النظام العام والآداب العامة وتحترم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وأن الدستور المصري كان حريصا على أن كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا اكراهه ولا ايذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا فى أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيا وصحيا.
وأضافت المحكمة أن أى ضابط من ضباط الشرطة يخالف شيئاً مما تقدم، يعد ذلك منه جريمة شخصية يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون، لذا فإن الضابط الذى يرتكب التعذيب - وهو ما خلت منه الأوراق - على أحد المواطنين بمناسبة وظيفته، يعتبر كأنه ارتكب خطأ جسيماً faute lourde la وهو الخطأ الذي يجاوز المخاطر العادية للوظيفة، ولا يمكن قبوله أو إيجاد عذر لارتكابه، ولا يمكن التسامح فيه، وهو بهذه المثابة يعد خطأ شخصياً منه لا يُسأل عنه مرفق الشرطة، وإنما يُسأل عنه الضابط ذاته جنائيا وتأديبياً ويتحمل وحده قيمة التعويض من ماله الخاص وليس من مال وزارة الداخلية، بحسبان أن التعذيب يمثل خطأ شخصياً faute personnelle la ، يتجاوز حدود المخاطر العادية للوظيفة الأمنية وليس خطأ مرفقياً la faute de la service ، فالتعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمان لمخالفته أصلاً من الأصول المتعلقة بحقوق الإنسان، لذا يتحمل مرتكبه وحده قيمة التعويض من ماله الخاص دون مال وزارة الداخلية .
وأشارت المحكمة إلى أن شعب مصر العامل على هذه الأرض المجيدة، منذ فجر التاريخ والحضارة، في القرى والحقول والمدن والمصانع ومواطن العمل والعلم فيها وفي كل موقع، يشارك في صنع الحياة على ترابها، يؤمن بتراثه الروحي الخالد والمطمئن إلي إيمانه العميق والمعتز بشرف الإنسان والإنسانية، أن الحرية للإنسان المصري عن إدراك لحقيقة أن إنسانية الإنسان وعزته هي الشعاع الذي هدى ووجه خط سير التطور الهائل الذي قطعته البشرية نحو مثلها الأعلى، ذلك أن كرامة الفرد هى انعكاس لكرامة الوطن، لأن الفرد هو حجر الأساس في بناء الوطن، وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته، وفى ذلك فإن سيادة القانون التى تنتهجها الدولة المصرية ليست ضمانا مطلوباً لحرية الفرد فحسب، لكنها الأساس الجوهرى لمشروعية السلطة في نفس الوقت .
وأوضحت المحكمة أن مفهوم الأمن فى الفكر الحديث تحول من منظور ضيق كان قاصراً على جهاز الشرطة، فحسب إلى نظرة أعم وأشمل جعلت منه مسئولية قومية يتشارك فيها كل أفراد المجتمع، إذ أضحى مفهوم الأمن شراكة بين كل أجهزة الدولة وكافة قطاعات الجمهور ومساهمات منظمات المجتمع المدني، فالعلاقة بين الشرطة والجمهور من أهم القضايا الأمنية لأن مساهمة الجمهور في حفظ الأمن وتعاونه مع الشرطة، من مقتضيات الفاعلية لكشف الجريمة، خاصة أن الإحصاءات العالمية تؤكد أن عدد الجرائم المقترفة يفوق إلى حد كبير عدد الجرائم المكتشفة الأمر الذى يبرز أهمية وضرورة التعاون الوثيق بين الشرطة والجمهور في تحقيق الأمن وما يقتضيه ذلك من وجوب اتسام العلاقة بينهما بالحميمية والتعاون، فالأصل أن الشرطة تؤدى وظيفتها في خدمة الشعب باعتباره واجبا دستوريا يبلور رسالة الشرطة في علاقاتها بالشعب، لهذا كان لزامًا أن تكون ممارستها تحت إشراف السلطة القضائية ضمانا لعدم إساءة استخدامها .
واختتمت المحكمة أن الثابت فى الأوراق أن ادعاء المدعى بأنه قد تعرض للتعذيب على يد الضابط (م.أ.ز) بقسم شرطة إيتاى البارود يمثل بهتاناً دون أن يقيم الدليل عليه، وقد عجز عن اثبات دعواه رغم تكليفه بذلك عدة جلسات دون جدوى، حال أن النيابة العامة قد حفظت المحضر لعدم كفاية الأدلة، فإن ادعاءه يكون مرسلا وينتفى معه ركن الخطأ فى جانب وزارة الداخلية بحسبانها المتبوع المسئول عن الضرر الذي يحدثه تابعه وهو ضابط الشرطة بعمله غير المشروع إذا ثبت فى حقه وكان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها، وهو ما خلت الأوراق من ثبوته، وأصبح ادعاء تعرض المدعى للتعذيب محض افتراء وقول مرسل عارياً من دليل عليه، وتنهار معه باقى أركان المسئولية الموجبة للتعويض، ويضحى طلب المدعى بإلزام وزارة الداخلية بالتضامن مع الضابط بالتعويض بحجة تعذيبه قائماً على غير أساس سليم من الواقع أو القانون مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى .
يأتى هذا الحكم فى وقت قامت فيه المنظمات المشبوهة ضد مصر والعديد من البلاد العربية بحملاتها الممنهجة البغيضة التي تتضمن اتهامات باطلة لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» تارة تدعى وجود تعذيب فى مصر وتارة أخرى تتدخل فى الأوضاع في سيناء، وبيان منظمة العفو الدولية بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر المعتمد على التقارير المغرضة والبيانات المضللة التى لا أساس لها من الصحة لصالح الجماعة الإرهابية لتوفير مظلة سياسية لهم بقصد التدخل في شئون الدول والتي تتجاهل العمليات الإرهابية لخونة الوطن والقتلة والمجرمين.
وقد أعربت دوائر مهتمة بالشأن العام أن هذا الحكم التاريخي الصادر برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي المؤيد بحكم الإدارية العليا يعد ركيزة من ركائز التصدي للمؤامرات والفتن داخلياً وخارجياً من بعض المنظمات المشبوهة ، وأنه يجب على المجلس القومي لحقوق الإنسان اعتبار هذا الحكم بمثابة الوثيقة القضائية الرسمية أمام المحافل الدولية تقطع بخلو مصر من الادعاء بالتعذيب الممنهج وتؤكد الالتزام بالمعايير الدولية فى ملف حقوق الإنسان يجب أن تودع فى وثائق الهيئة العامة للاستعلامات وأن يتم ترجمته من وزارة الخارجية وايداعه قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية والسفارات والهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة ليكون موثقا بحيثيات حكم قضائي نهائي وبات يواجه الافتراءات والأكاذيب المضللة خاصة الذين يريدون المساس بهيبة الدولة ولا يريدون لمصر الاستقرار والتنمية والنجاح فى مواجهة الإرهاب .
ويذكر أن القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، الذى أصدر هذا الحكم، سبق وأصدر حكمين نهائيين غير قابلين للطعن بعدم حصول الطعن عليهما أمام المحكمة الإدارية العليا، الأول بانعدام القرار الجمهوري الذى أصدره الرئيس الأسبق محمد مرسى العياط، بإعفاء الإرهابيين من العقاب الذين اقتحموا أقسام الشرطة وسرقوا الأسلحة والذخائر واعتدوا على المنشآت وأرواح رجال الشرطة الشهداء، والثانى بتأييد قرار النيابة العامة بإحالة الإرهابيين المعتدين على المنشاَت العامة والحيوية المؤمنة بالقوات المسلحة للقضاء العسكري.