كحك العيد.. صنعة المصريين القدماء ويحافظ عليه الأحفاد
يهل علينا عيد الفطر المبارك وينشر البهجة والسعادة بين قلوب المصريين، فتجد الشوارع ممتلئة بالرجال والنساء وكذلك الأطفال يتسارعون لأداء صلاة العيد التي تعد أهم ركن من أركان العيد، ومع ذكر العيد يُذكر العيدية والحكك والعديد من العادات التي ترتبط في أذهان المصريين بقدوم العديد، فتعرف على أصل تلك العادات.
كحك العيد عادة فرعونية
وفقًا لكتاب "لغز الحضارة المصرية" للدكتور سيد كريم، فإن الكحك يعود أصله إلى عصر المصريين القدماء، حيث كانت زوجات الملوك يخبزون الكحك ويقدموه كقربان للكهنة القائمين على حراسة هرم خوفو يوم تعامد الشمس على وجه خوفو، وكان المصريون يجتمعون في احتفال رسمي ويتم تقديم القرابين ومن بينها الكحك المنقوش عليه صورة الشمس التي ترمز للإله رع، وقد وجدت صور الكعك منقوشة على جدران مقابر طيبة ومنف.
وكان يُطلق عليه القرص، لأنهم كانوا يشكلون الكعك على هيئة قرص لتأخذ شكل تميمة الإلهة "ست"، وهي من التمائم السحرية التي تفتح للميت أبواب الجنة، وكانوا يشكلون الكحك بمختلف الأشكال الهندسية والزخرفية، والبعض يشكله على شكل حيوانات أو أوراق الشجر والزهور، وجميع تلك الأشكال نُقشت بتفاصيل صناعة الكحك على جدران مقبرة الوزير "رخ مى رع" من الأسرة الثامنة عشرة.
بداية دخول كحك العيد في التاريخ الإسلامي
انتقل تقليد كحك العيد من الحضارة المصرية القديمة للحضارة الإسلامية، ففي عهد الطولونيين، صُنع الكحك وأصبح أهم مظاهر الاحتفال بالعيد، وكان يُصنع في قوالب خاصة مكتوب عليها "كل واشكر"، وغيرها من العبرات التي تحمل نفس المعنى.
الكحك المحشو بالدنانير
وهناك قصص ترجح أن بداية دخول الكحك للحضارة الإسلامية كان في عهد الدولة الأخشيدية، فقد كان وزير الدولة "أبو بكر المادراني" يصنع الكحك في أعياد الفطر ويحشوه بالدنانير الذهبية، واُطلق عليه حينها "أفطن إليه" أي انتبه للمفاجأة، ولكن تم تحريف الاسم إلى "أنطونلة"، وتعد كعكة "أنطونلة" أشهر كعكة ظهرت في هذا الوقت، وكانت تقدم في دار الفقراء.
كحك العيد في عهد الدولة الفاطمية
حرصت الدولة الفاطمية على الاحتفاظ بتقليد صناعة الكحك في العيد، فخصص الخليفة الفاطمي حوالي 20 ألف دينار لعمل كحك عيد الفطر، وأمر أن تتفرغ المصانع من منتصف شهر رجب لصناعة الكحك، وكان حجمه في حجم رغيف الخبز، وأيضًا كان الخليفة هو من يتولى مهمة توزيع الكحك على الشعب الذي يقف أمام أبواب القصر ينتظر نصيب كل فرد في العيد وأصبحت عادة سنوية في هذه الفترة.
وكانت هناك مجموعة مع كحك العيد يُنقش عليها عبارة "تسلم إيديكي يا حافظة" أو "بالشكر تدوم النعمة"، وكانت تلك العبارات بمثابة علامة تجارية مميزة، فلم يكن يأكل منه إلا المحظوظون من ضيوف الخليفة، وسبب تلك العبارات أن أشهر من صنعت كعك العيد سيدة تدعى "حافظة".
وكان أوقاف البر والإحسان هي الي تصرف علي صنع الكعك وتوزيعه على الفقراء في عيد الفطر واليتامى، ومن أشهرها وقفية الأميرة نتر الحجازية التي تقضي على توزيع الكعك الناعم والخشن على موظفي مدرستها التي أنشأتها عام 748هـ.
فشل محاولة القضاء على كحك العيد
عندما دخل صلاح الدين الأيوبي مصر حاول أن يقضي على فكرة صنع كحك العيد، للقضاء على كل العادات الفاطمية، إلا أن تلك العادة المتوارثة كانت أكثر رسوخًا من أن يستطع القضاء عليها، فاستمرت تلك العادة وتطورت في عصر المماليك وعهد الدولة العثمانية، لتظل حتى يومنا هذا تقليد وعادة ترتبط بالعيد.