من الرسم إلى السينما.. "التلمساني" رائد الواقعية في السينما المصرية
في مثل هذا اليوم 15 مايو 1915، ولد رائد من رواد الواقعية في السينما المصرية، المخرج والسيناريست كامل التلمساني، لم ينحصر التلمساني في الوسط السينمائي فقط بل كان مؤثرًا في الوسط الثقافي والفكري بشكل عام.
من هو التلمساني؟
ولد التلمساني بمحافظة القليوبية لأسرة فقيرة، وكان منذ نعومة أظافره يعشق الرسم، وعندما انتقل مع أسرته إلى القاهرة وسكن في الأحياء الشعبية، والتحق بالمدرسة السعيدية الثانوية، نمت من هبة الرسم عنده أكثر، وأصبح أكثر تعلقًا بها، وبالرغم من دخوله لكلية الطب إلا أنه لم يرد أن يستكمل دراسته بالكلية وتركها بعد أن قضى بها خمس سنوات رسب خلالها أكثر من مرة.
لم يكن التلمساني الوحيد في عائلته الذي يعشق الفن واتجه له، في الغالب إنها جينات، فشقيقه هو الرسام حسن التلمساني وهو مصور سينمائي، وشقيقه الآخر هو عبد القادر التلمساني المخرج التسجيلي المعروف، كما أن أبن شقيقة هو المُصور السينمائي طارق حسن التلمساني.
مسيرته الفنية
بعدما ترك التلمساني كلية الطب، انضم للحركة التشكيلية في مصر خاصة السريالية التي بدأها جورج حنين ورمسيس يونان في مصر الذين أسسوا فيما بعد جماعة الفن والحرية، واستطاع التلمساني أن يثقل هواياته في الرسم فدرس كافة المذاهب والأفكار من اللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية.
وأقام التلمساني العديد من المعارض الفنية، التي كانت تدعن اتجاهات الفن الحديث في الريم والتصوير مثل التعبيرية والسريالية والتجريدية، ولكن معظم لوحاته كانت تنتمي للسيريالية والتجريدية؛ لأنه كان متأثرًا بما تعانيه الطبقات الكادحة، فكان أحد أبرز رواد الفن التشكيلي بلوحاته التي ارتبطت بالفلاحين والبسطاء.
اتجاه للسينما
حينما اكتشف التلمساني أن لوحاته التي كان يرسمها من أجل الفقراء والطبقة الكادحة لا تصل لهم، بل يقتنيها أصحاب القصور الذين يحيون على جثث الفقراء، قرر أن يكف عن الرسم ويتجه لفن آخر رأى أن من خلاله يستطيع أن يصل للفقراء والفلاحين، فاتجه للسينما.
بدأ خطواته الأولى في السينما من "استوديو مصر" كمساعد مخرج للإنتاج والإخراج والمونتاج، ليصبح بعد ذلك علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية، خصوصًا بعد طرح فيلمه "السوق السوداء"، الذي بالرغم من أنه لم يحقق نجاحًا عند عرضه في البداية، إلا أنه أصبح أداة قياس للسينما المصرية، وكان يناقش أخطر القضايا التي تولد في ظل الحروب من مشكلة التجار والسوق السوداء وأغنياء الحروب، وتناول الأسباب الاجتماعية والسياسية المؤدية لذلك، واهتم خلال الفيلم بالبناء الداخلي ووضوح مشاعر الشخصيات وجانبها الأخلاقي ورغباتها وأحلامها.
كما أنه قام بتحرير باب "خلف الكاميرا" بمجلة السينما عام 1945 عندما انضم للسينما، لأن الكتابة للمجلات السينمائية استهوته، وكتب في مجلة الصباح، وفي الخمسينات قدم للمكتبة السينمائية كتابين أولهما "سفير أمريكا بالألوان الطبيعية 1957" وفيه تحدث عن سيطرة السينما والإعلام الأمريكيين على شعوب العالم، والثاني "عزيزي شارلي شابلن 1958"، وكانت آخر أعماله التي شرع في كتابتها في بيروت ولم يمهله القدر لإكمالها هي رواية أدبية بعنوان "أم محمد".