العلاقات المصرية السودانية.. حرص القاهرة على دعم الخرطوم في المحافل الدولية
سلطت مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر "دعم المرحلة الانتقالية في السودان"، المقرر انطلاقه غدا الاثنين بالعاصمة الفرنسية باريس، الضوء على العلاقات المصرية السودانية والدور المصري في دعم السودان على مختلف المستويات عربيا ودوليا.
ويعتزم الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مشاركته فى المؤتمر، التركيز على أهمية تكاتف المجتمع الدولي لمساندة السودان خلال المرحلة التاريخية الهامة التي يمر بها، واستعراض الجهود المصرية الجارية في هذا الصدد على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية.
يأتي ذلك من حرص مصر دائمًا على علاقات الأخوة والتضامن مع السودان، وكونها علاقات استراتيجية بالغة الأهمية للبلدين على كافة المستويات.
ومن مظاهر الاهتمام المصري بالبلد الشقيق: الزيارات الرئاسية المتبادلة على فترات متقاربة، إذ أن أول زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسي، عقب انتخابه رئيسًا للجمهورية عام 2014، كانت إلى السودان ضمن جولة شملت ثلاث دول، وأيضًا بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية عام 2018، توجه إلى السودان في أول زيارة خارجية يقوم بها.
علاقات تاريخية
يعتبر السودان امتدادًا طبيعيًّا لمصر؛ فالعلاقات بين الشعبين والبلدين أزلية وتاريخية وقد ظل الترابط بينهما قائمًا ولم ينقطع إلا لفترة محدودة في عهد الدولة المهدية (من 1885 إلى 1898)، حيث عادت مصر مرة أخرى للسودان عبر الحكم الثنائي (المصري-البريطاني) إلى أن حصل السودان على استقلاله في الأول من يناير 1956. وما زالت مصر تبذل كافة الجهود لدعم الأمن والاستقرار في السودان بما يحقق مصالح الشعبين المصري والسوداني.
والشاهد، أن مصر والسودان لا غنى لإحداهما عن الأخرى، والتعاون والتنسيق بينهما من أجل الصالح المشترك هو المنطق الطبيعي للأمور، وهو ما يحرص عليه الشعب والقيادة السياسية في كلا البلدين وهناك الكثير من الملفات والقضايا الاقليمية التي يعد تنسيق مواقف البلدين بشأنها أمراً حيوياً لصالح الشعبين والأمة العربية والقارة الأفريقية والمنطقة بكاملها، في مقدمتها بالطبع ملف مياه النيل، التعاون بين دول حوض النهر لصالح الجميع، ملف الأمن والاستقرار في حوض البحر الأحمر والقرن الأفريقي، ثم ملف التنسيق بشأن القضايا الأفريقية سواء من خلال الاتحاد الافريقي والمنظمات القارية والإقليمية الأخرى أو من خلال التعامل مع بعض القضايا المؤثرة مثل مكافحة الإرهاب والتطرف وغيرها.
أبرز وقائع العلاقات بين الخرطوم والقاهرة
في 6 /3/ 2021 قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة رسمية إلى جمهورية السودان، تعد الأولى من نوعها عقب تشكيل مجلس السيادة الانتقالي، والتقى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني تناولت المباحثات سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين على كافة الأصعدة.
وفى 12/4/2021 أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًا مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، حيث أعرب الرئيس عن خالص تهنئته بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم، متمنيًا لشعب وحكومة السودان الشقيق كل الخير والتقدم والرخاء.
العلاقات الاقتصادية
شهدت العلاقات الاقتصادية المشتركة بين مصر والسودان تطورًا كبيرًا في ظل عضوية البلدين بمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وبتجمع "الكوميسا"، وتسعى كل منهما لتوطيد العلاقات التجارية بينهما، من خلال إنشاء مشروعات حيوية اقتصادية مشتركة في كافة القطاعات.
ويبلغ حجم الاستثمارات السودانية فى مصر نحو 95.1 مليون دولار، في حين يقدر حجم الاستثمارات المصرية بالسوق السودانية بنحو 10 مليارات و100 مليون دولار.
وتعمل في مصر 315 شركة سودانية، تتوزع استثماراتها بين الصناعة والتجارة والزراعة والخدمات التمويلية وقطاعات الإنشاءات والسياحة والاتصالات.
العلاقات العسكرية والأمنية
تُعْتَبَرُ الخرطوم عمقًا استراتيجيًّا لمصر من حدودها الجنوبية؛ وهو ما يتطلب تكثيف التعاون المشترك بين البلدين في جميع المجالات خاصة في المجال الأمني والعسكري. فى 5/4/2021 شهد الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة يرافقه الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السودانية تنفيذ فعاليات ختام التدريب الجوى المشترك المصرى السودانى " نسور النيل - 2" والذى استمرت فعالياته لعدة أيام بالسودان، بمشاركة عناصر من القوات الجوية والقوات الخاصة لكلا البلدين.
العلاقات الثقافية والإعلامية
يجمع الشعبين المصر والسوداني قواسم الثقافية والدينية تجعل من العلاقات الثقافية محورًا مهمًا فى منظومة العلاقات بين البلدين قديمًا وحديثًا، كما سيتضح في النقاط.
المجال الديني: انتشرت المسيحية في السودان عن طريق مصر؛ فقد انتشرت في مصر أولاً، ثم عملت مصر على نشرها في السودان عن طريق إرسال مطارنة النوبة.
مجال التعليم: هناك تاريخ طويل للعلاقات بين البلدين في مجال التعليم، حيث كان السودان يستقبل البعثات العلمية من مصر منذ عهد الفراعنة من "مدرسة الاسكندرية". وفي عام 1956، في عهد الرئيس جمال عبدالناصر.
المجال الإعلامي: يجمع البلدين عدد من البروتوكولات والاتفاقيات، ومذكرات التفاهم، والبرامج التنفيذية في مسيرة العمل الإعلامي أهمها.
اتفق الجانبان المصري والسوداني ممثلان في (وزارة الاعلام السودانية والمجلس الأعلى للإعلام في مصر) على بدء تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي الموقع بين البلدين، وتبادل الخبرات وتدريب الإعلاميين السودانيين ضمن برامج التدريب المخصصة بمعهد الإعلاميين الأفارقة بالقاهرة.