محمد كمال يكتب: إحنا صخر مايتكسرش
مصر المحروسة، كنانة الله في أرضه، قاهرة الغزاة والمحتلين، ساحقة الخونة والمتأمرين، من أرادها بسوء قصم الله ظهره، قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فتح الله عليكم مصرًا فاتخذوا منها جندًا كثيفًا فهم خير أجناد الأرض وهم في رباط إلى يوم الدين.
نعم هذه أرض الرباط والمرابطين.. وأرض الجند والمقاتلين.. أنقذها الله بعنايته من أيدي الخونة والمتأسلمين، المتسلقين لأعناق شبابها الطامح في غد أفضل، المستغلين حراك أهلها نحو الحرية والبناء، الرافعين راية الدين كذبا، المتظاهرين بالعدالة نفاقا، السائرين وسط أبنائه تفرقا.. المتآمرين علي سيادته خيانة، المدمرين لمؤسساته عمدا، الهادفين إلى تقسيم الوطن وتشريد أهله، أولئك أعداء الله وعباده من أهل مصر البسطاء، المشوهين لسماحة دين أهله الوسطي، تسلقوا حراك شباب مصر في 25 يناير، وما أن ظنوا أنهم خدعوا الشباب، وأوفوا بعض من يمولهم، عقدوا النية المبيتة سلفا على اقتحام وتدمير وأخونة مؤسساته الرئيسية الجيش، والشرطة، والقضاء، والإعلام، لكن الله كان لهم بالمرصاد، وكذلك وعي شعب مصر رموزًا، وأفرادًا، وبدا الصراع على جسد الوطن المنهك، ما بين تسلل، واستهداف، وتفجير، وحرق، وإرهاب، وأخونة، وتدخل، وإبعاد لكل رمز وطني لا يروق لأهدافهم الشيطانية.
ولأن مصر محروسة بأمر الله، فقد سخر الله لها من عباده، أجهزة وطنية، ورموزًا تقدمت الصفوف، لتخلص مصر من هذه الانتهازية، دعاة الدين، وبدأ الصراع يطفو علنًا بين محور الشر متمثلًا في جماعة الإرهاب، وحراس الوطن بالجيش والشرطة، فجاءت الهجمات الانتحارية، وإيواء التكفيريين بسيناء والوادي، وتفجير المؤسسات، ومسلسلات الحرق، والقتل، والاستهداف بديلا لشرعيتهم وحلهم للعودة مرة أخرى ولكن كيف لذلك أن يتحقق ولهذا البلد رب يحميه وللوطن قادة يدافعون عنه.
كنا وكانوا وكنت واحدًا منهم شاهدًا على تلك الأحداث، قريبًا منها، جزءًا من أحداثها، لطبيعة عملي صحافيًّا متخصصًا في الشأن الأمني ولقربي الشخصي من الوزير الوطني اللواء محمد إبراهيم وزير الدخلية في تلك الفترة.
كان إبراهيم وطنيًّا يقظًا، أطلق أجهزة معلوماته ليسقط 50 خلية إرهابية عنقودية ويفككها.. حاربوه.. تظاهرًا وتمردًا، وإشاعات، والرجل ورجاله يعملون في صمت ينجزون مهماتهم، فالمعلومات يتم جمعها، والمتآمرون مرصودون، والكيانات تفكك، والأجهزة التي أرادوا لها الوقوع صامدة، والمستندات مؤمنة، وتحت السطح عمل وطني منظم ومتقن، والانحياز للوطن متواصل، وللشعب موصول، والمكائد تُفضح، والإشاعات تتناثر، والرجل وأجهزته صامت فقط لأنه يعمل، ويعلم ومن حوله مؤمنون بما يفعلونه، حتىإن التنسيق بين ربان سفينة مصر السيسي ومجدافها محمد إبراهيم، متواصل سرًّا وجهرًا.
فالمبدأ واحد والمقصد وطن وأهله، أقسم الاثنان على حمايته، وكنت أنا من إعلاميي الوزارة شاهد عيان دؤوب في تتبع المعلومة، وحريصًا على معرفة أدق التفاصيل والأسرار، وربطتني بجميع قيادات الوزارة علاقات وطيدة عززتها الثقة والأمانة التي رأوها أثناء تغطيتي الملف الأمني.
جاهرت مرارًا بأن الإخوان خونة، وأنهم متآمرون، بل وأعلنت بضرورة التخلص منهم وقتالهم وقتلهم في إحدى المؤتمرات الصحفية على الهواء، وكلفني ذلك أن وضعوا اسمي على قوائم الاغتيالات، فانطلقت أبواقهم في رابعة تندد بطلبي قتلهم، وجزيرتهم العميلة فتحت شاشتها للهجوم علي، والمحللون يتفننون في صب غضبهم عليّ، ولكني كنت فخورًا ودافعت عن وجهة نظري بجسارة، وقلت إنهم لا يستحقون إلا القتل والسجن.
اكتسبت جرأتي وقوتي من بيت أبي الوطني الذي غرس فينا حب الوطن ومواجهة أعدائه بكل ما نملك من قوة، ولسبب آخر وهو وجودي وسط مجموعة من الضباط الذين وضعوا أكفانهم فوق أيديهم وقدموها فداء لهذا الوطن، وأهله.
دارت الدوائر ولفظ شعب مصر الخونة من بينه، بعدما أمهلهم مرات ومرات، وبانت حيل جماعتهم الإرهابية، حرق وبيع وتدمير وخراب، وبعد أن فاض الكيل، ونفد صبر الشعب، وتأذت أجهزته ومؤسساته، حتى أفاء الله على مصر بالخلاص، وعلى رموزها بالستر رغم الاستهداف المدمر لهم ولأهلهم، ويرتفع الشعار تحيا دوما مصر الآمنة.
هذه شهادة لله والوطن، من شاهد عيان موجود ومشارك، وإذا كان الوطن كرم أبنائه من الجيش في الاختيار 1 فها هو قد كرم شهداء الشرطة في الاختيار 2، لتظل الدراما وثيقة الأجيال القادمة، على أروع ما قدم رموزه وأبنائه، ولحسن حظي ولعظيم فخري أنني كنت شاهدًا على بطولات رجال الظل وتضحية الشهداء الأحياء بإذن ربهم (محمد مبروك، وأحمد جاد جميل ومحمد وحيد ورامي هلال والشهيد محمد الحوفي)، وسأظل ما حييت أذكر تلك التضحيات التي قدموها كي ينعم الوطن وأهله، وليسبق الشهداء إلى جنات الخلد، وليخلد كتاب التاريخ سير العطائين، من أبنائه الذين اختاروا للوطن تقدمه، واختاروا لأنفسهم خطوات في الظل، طالما أن المهمة الوطنية اكتملت.. وللحديث بقية.