حندس وأمير الصحافة.. ألقاب اشتهر بها محمد التابعي
شهدت محافظة بورسعيد وتحديدًا خليج جميل في مثل ذلك اليوم 18 مايو ميلاد أمير الصحافة "محمد التابعي محمد وهبة"، أسمته والدته على اسم الشيخ التابعي تيمنًا به، فهو اسم مركب.
بدايته في الصحافة
كانت كلية الحقوق هي الباب التي دخل منه "التابعي" مجال الصحافة، حينما كتبت جريدة "الإچيبشيان ميل" في عام 1921م مقالًا تهاجم فيه مظاهرات الطلاب، فقام "التابعي" بكتابة مقال بالإنجليزية ليرد عليهم وللعجب أن الجريدة وافقت على نشر مقاله، ثم أتبعه بمقال آخر يتحدث فيه عن الموظفين الإنجليز في الإدارة المصرية.
ومن هنا بدأت مسيرته الصحفية، فبعد تلك المقالات طلب منه رئيس التحرير أن يكتب مقالًا نقديًا بالإنجليزية حول مسرحية غادة الكاميليا، التي كان يقدمها مسرح رمسيس في ذلك الوقت، فكتب مقالًا ساخرًا يسخر فيه من أداء يوسف وهبي الزاعق وينقد المسرحية نقدًا شديدًا، مما أثار سخط أعضاء فرقة رمسيس، وهاجمه صاحبة المسرحية في مقال، مما اضطر "التابعي" أن يرد عليها في مقال باللغة العربية وكان أول مرة يكتب في الصحف المصرية.
"حندس"... الاسم المستعار للتابعي
أن البداية الحقيقة للـ "التابعي" كانت في جريدة الأهرام، وكان يكتب مقالات في النقد المسرحي والفني، ولكنه لم يكن يوقع باسمه بل باسم مستعار وهو" حندس"، الذي عرف فيما بعد أن معناه هو الليل المظلم، وكان سبب عدم استخدامه لاسمه أنه في ذلك الوقت كان يعمل مترجمًا في البرلمان المصري، وأن مقالاته السياسية يمكن أن تسبب بأزمة سياسية بين الدستوريين والسعديين.
التابعي وروزاليوسف
عندما قررت السيدة فاطمة اليوسف اعتزال الفن، ذهبت إلى تأسيس مجلة فنية تحمل اسمها، وكان التابعي من أوائل الصحفيين الذين دعتهم فاطمة اليوسف للمساهمة في تحرير تلك المجلة الجديدة، ولم يتردد التابعي أن يلبي طلبها، وإن كان هناك خلاف دائم بينهما بسبب إصراره على الكتابة بأسلوبه النقدي الساخر، وعدم موافقة فاطمة اليوسف على هذا الأسلوب، إلا أنه نفذ ما يُريد وكتب بالأسلوب الذي يفضله، خصوصًا بعد الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها المجلة في بدايتها، واضطرارها لتغيير سياستها التحريرية.
لم يكن التابعي مجرد محرر أو ناقد مشارك في المجلة، بل كان واحدًا من المشاركين في تحرير معظم مواد المجلة، وظل يكتب مقالات فنية ونقدية، حتى تحولت المجلة إلى مجلة سياسية، وفيها كتب لأول مرة في الشأن السياسي.
مؤسس مجلة "آخر ساعة"..ومنشئ نقابة الصحفيين
وفي عام 1934 أسس التابعي مجلة "آخر ساعة" بعدما ترك مجلة رزواليوسف، وكانت رخصة المجلة في البداية باسم "الكرباج" ثم غير اسمها إلى "آخر ساعة"، وبعد ثلاث سنوات من إصدارها باعها لمصطفى وعلي أمين وسافر خارج البلاد ثم عاد لرئاسة تحريرها ثم مديرا لتحرير الأخبار.
كما شارك في تأسيس جريدة المصري مع محمود أبو الفتوح وكريم ثابت، وسعى لتكوين أول نقابة للصحفيين وكان من أعضائها المؤسسين، حيث صدر قرار وزاري في مارس سنة 1941 بتشكيل مجلس مؤقت لإدارة النقابة برئاسة محمود أبو الفتح.
أمير الصحافة المصرية
هذا هو اللقب الذي اشتهر به "التابعي"، فهو كان يتميز بأناقته واهتمامه بمظهره، له ذوق رفيع في اختيار ملابسه، وكان معتادًا على قضاء إجازته متنقلًا بين باريس وجنيف، وكان يقيم طوال مدة سفره في الفنادق المخصصة للملوك والأمراء في هذا الوقت، أما في القاهرة فكان يعيش في شقته بحي الزمالك.
كان هو الصحفي المصري الوحيد الذي رافق العائلة الملكية في رحلتها الطويلة لأوروبا عام 1937، وكان شاهدا ومشاركا للعديد من الأحداث التاريخية آنذاك.
التابعي خلف القضبان
سجن التابعي مرتين في عهد الملك فؤاد، وصدرت ضده أحكام في عهد الملك فاروق ولكنها لم تنفذ، لأن يوسف بك وهبي دفع له الكفالة، وهو ما ذكره التابعي بمقولة شهيرة "صديقي اللدود دفع لي الكفالة"، وكان يوسف وهبي يقول عنه "التابعي صديقي اللدود الذي يسقيني السم في برشامة"، لأنهما كانا يسهران معا ثم يجد يوسف وهبي في الصباح مقالا بقلم التابعي يهاجمه فيه.
إسهامات التابعي
بجانب إسهاماته في مجال الصحافة، كان له 13 رواية بالإضافة لترجمة كتاب "مذكرات اللورد سيسل" في العشرينيات والذي كان أول كتاب يحمل اسم محمد التابعي، ومن أشهر مؤلفاته "من أسرار الساسة والسياسة"، وهي تعتبر السيرة الذاتية لأحمد باشا حسنين وكذلك "أسمهان تروى قصتها"، و"بعض من عرفت" وهي مجموعة قصص من واقع الحياة، بالإضافة إلى "لماذا أقتل"، و"مذكرات موظف مصري".