المرأة هي العدو الأول للمرأة
كم هائل من الندوات التي تتقدمها نساء يتحدثن عن المساواة وحقوق المرأة في المجتمع وكيف كانت ومازالت القوانين حبرا على ورق وغير رادعة على الاطلاق.. كلمات وحوارات وخطب ومقالات تشعرك بالفخر وانت تستمع لصاحبات الرأي المستنير والشخصيات القوية.
إلا أنني كثيرا ما شعرت بتناقض المرأة مع مثيلتها.. وامتلكت رأيا مختلفا فحواه "المرأة هي نفسها عدو المرأة الأول قبل الرجل" نراه في غيرتها الشديدة المتمثلة في أبسط الصور؛ كظهور غريمتها بمظهر أفضل أو لارتداء شيئا جديدا جميل الشكل أو لأن أحداهن تجني نظرات إعجاب ومحبة من الآخرين أو تقدما أسرع على الصعيد المهني، مما يشعل الحقد بين الأصدقاء خاصة إذا عقدت الأنثى المقارنات بينها وبين أخرى، أي أخرى كانت.
وما كشفت عنه ردود الفعل الخاصة بمسلسل "لعبة نيوتن" أكد وجهة نظري.. فأنا لا أناقش عملا فنيا بالتناول ولكن أناقش أطر تفكير.
لقد هالني حزن الكثيرات على نهاية المسلسل فأغلب التعليقات كانت سلبية للغاية من وجهة نظري ، فبعض المشاهدات للمسلسل تمنين أن يسافر "مؤنس" بابن البطلة خارج مصر.. لأنها امرأة غبية!!! وشعرت بالإحباط على حد وصفهن لأن الأم عادت بطفلها فلذة كبدها..
ولقد استغربت جدا ذلك التمني، كيف لأم تتمني أن ينزع أحدهم ابن أم مثلها منها، حتى لو كانت امرأة غير مسئولة، كيف لأم ترتضي أن تعاني أم مثلها هذا الفقد المميت ، وهل جميعهن أمهات رائعات غير مقصرات ؟! فإذا كن كذلك فمن أين تطل علينا النماذج التربوية السلبية التي تحتاج لإعادة تأهيل أخلاقي وتربوي؟!!! والسؤال الذي يفرض نفسه هل تستحق كل امرأة غبية أن ننتزع وليدها منها ؟
ثم ذلك التجاوب الإيجابي مع حادث الاغتصاب بأن البطلة تستحق، وهى من دفعت المغتصب لذلك الفعل وقامت باستفزازه، ورغم شجبهن للتصرف في البداية إلا أن بكاء "مؤنس" وندمه بدل الشجب إلى تعاطف، فهل تراهن في حياتهن يستطعن أن يتعاملن بتلك الروح الرياضية؟!
ثم حمل تقييم شخصية بعضهن لشخصية الرجل الكثير من علامات الاستفهام؛ مما يدل على سذاجة التفكير، فالمتابع للعمل سيلاحظ وجود شخصيتين محوريتين بالمسلسل وهما شخصية الزوج وشخصية الغريم ؛ لقد كان هناك مبررا لتصرفات البطلة وردود أفعالها وتحميل الزوج تبعات ذلك لكن شخصية الغريم كان له كل الدعم رغم كونه رجل أرتضى منذ اللحظة الأولى أن يرمي بشباكه على امرأة ضعيفة في الغربة ويتزوجها بدون عقد واستغل بكل ميكافيلية حاجتها له لإرجاع وليدها ثم تناسينا جميعا الحديث الشريف (لا يخطب المرء على خطبة أخيه) وهي المرأة التي كانت في عصمة رجل آخر.
ذلك التقييم في حد ذاته حمل لي الكثير من علامات الاستفهام وكررت على نفس ذلك التساؤل: ماذا تريد النساء؟
لقد كانت البطلة تعيش في منزل "مؤنس" وبين أهله معززة مكرمة تهنأ بطيب العيش وهي تنتظر ورقة إثبات طلاقها من زوجها الأول، في حين هناك من ينتظر حقه الشرعي منها، أي تدليس هذا على أهل البيوت ؟! وأين كرامة المرأة في معاشرة رجل كل ما يثبت علاقته بها هو صورة زفاف تجمعها به؟! أين حرصها على نظرة المجتمع لها؟! أين ذلك الضمان القانوني؟
للأسف أطر تفكير المرأة كشف عن عورات كثيرة؛ فهناك مخلوق اسمه المرأة يعادي مخلوقا اسمه المرأة!
وكنت أتمنى أن نخرج من هذا العمل الفني الناجح بقيم اجتماعية أكبر من العمل نفسه وهو؛ لا للطلاق الشفهي، لا للزواج غير المثبت، لا للاغتصاب والغصب والإكراه حتى في العلاقة بين الأزواج. إلخ
وهكذا خذلت المرأة نفسها قبل أن يخذلها الرجل.