"جيلنا واعي ما بيخاف".. فلسطينية تروي تفاصيل يوم بالقدس في ظل العدوان
امرأة فلسطينية مقدسية تمثل حكاية، تتكامل مع العديد من القصص على الأراضي الفلسطينية التي يكمل بعضها بعضًا، وتخلد في الذاكرة للعدو قبل أصحاب الأرض، تسكنهم فلسطين قبل أن يسكنوها، ملامح حياة تروي صمود يرق له الجماد.
على بعد خطوات من المسجد الأقصى، يطل منزل أماني، الأصوات تتخالط ما بين الأذان وأصوات الاعتداءات، لتستمر حتى ساعات متأخرة من الليل، ضجيج لا ينقطع، لا يقطعه سوى نور الفجر.
الساعة تدق الرابعة صباحًا، بينما تخطو في طريقها إلى صلاة الفجر، لتبدأ ذات الثلاثين ربيعًا يومها، بضع أنفاس متقطعة تحمل العديد من المشاعر المتراكمة، تطل شرفتها على رأس الجبل الموازي لترى المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
تترك أماني حضن طفلها الأصغر ذي السبع سنوات، وتنهض متثاقلة، تتجه لترتيب تفاصيل اليوم، قبل استيقاظ أطفالها الثلاثة، لم تكن الجنة تحت أقدام الأمهات هباء، فهي تظهر من القوة المفرطة أمام أطفالها ما لا يتحمله شخص في ظل هذه الأحداث العصيبة.
"ما بخلي ولادي بالبيت.. كتير بخاف عليهم"، تروي أماني في حديثها لـ"القاهرة 24"، أنها تتحرك بأطفالها في كل مكان، لتواجه العديد من رغبات أطفالها التي تواجهها بالرفض، ولكن لا يستمر طويلا فسرعان ما يتسلل طفلها الصغير خارج المنزل، “يتفرج على الدنيا ويرجع كأنه ما طلع”، حسب وصفها.
منذ فصلها من عملها بمؤسسة إسرائيلية - والتي منحتها إجازة مفتوحة بدعوى تزايد فيروس كورونا، والتي أكدت أماني أن كانت الحجة واهية، حيث تم تطعيم كل الشعب الفلسطيني إجباريًّا - يتولى مسئوليتها وأولادها أبوها وأخواتها.
عطلة عيد استمرت طويلًا إجباريًّا، وأشخاص انقطعوا عن أعمالهم، أماكن أصبحت فارغة، جنازات تملأ القلوب، وأماكن تضج بالمآتم، مشاهد تزين بها العيد، هجوم جنود الاحتلال آخر يوم العيد، وحرق كل شيء، ولتعبر أماني قائلة: "العيد ما كان عيد".
"جيلنا واعي، ما بيخاف"، حرصت أماني على أن تزرع في قلوب أبنائها الانتماء للأرض، والتحلي بالصبر، فهي تراه مفتاحًا لكل باب مغلق، لتؤكد "تصبر تنول".
تكره أماني السلبية، لكن أكثر ما يؤجج صدرها، أن تذهب كل تلك المحاولات المستميتة في الدفاع عن الأرض هباء منثورًا، تقول: "بخاف يروح دم الشهداء على الفاضي".
القضية عندهم هي قضية شرف، ليس لديهم أغلى من المسجد الأقصى الذي تدنس بجنود الاحتلال وأفعالهم الدنيئة، مؤمنين أن الإسرائيليين لا يفرقون بين مسلم ومسيحي، شعورهم الأول هو "الخوف"، لا شيء سواه، كما يشهده الشعب الفلسطيني من جانبهم، يخيفهم بالون مزين بأعلام فلسطينية، كما تسرد الثلاثينية.
"ليس من العدل المواجهة بين مسلح، وأعزل" هذه هي المعادلة الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون، لكنهم على قلب رجل واحد، لتقول أماني في ثقة: "ما حدا بيواسينا.. الله بيفعل".