مفارقة مأساوية للدولة الأكبر في إنتاج اللقاحات
الشظايا المتناثرة تتساقط في دلهي، ورائحة الأجساد المحترقة تملأ الهواء. في مساء اليوم وفي محارق جثثها الصغيرة تتكدس الجثث، وتنتظر الجنازات دورها لتحترق.
مشاهد الموت الجماعي الآن لا مفر منها في ذلك البلد الذي كان قد أعلن سابقًا الانتصار الساحق على فيروس كورونا! فماذا حدث لتفيق الهند على هذا الجحيم؟!.
ما بين فكي رحى ضاعت الهند في بحر من الأهوال، من جانب كان تهاون الحكومة بعدما تعاملت بصرامة مع الموجة الأولى لفيروس كورونا المستجد وحققت نجاحات ملحوظة في السيطرة على الأمور، بل وساعدت الكثير من الدول في تجاوز العقبات، وقد علق العالم عليها آماله لأنها البلد الأكبر في إنتاج اللقاحات، لكن يبدو أن الحكومة القومية بقيادة مودي لم تكن جادة في مسعاها لتطويق الأزمة، فسرعان ما تهاونت بشأن الإجراءات الاحترازية من أجل تحقيق زخم سياسي في الشارع، ومن جانب آخر مثلت الاحتفالات الدينية المقدسة وخاصة النهر المقدس فرصة أكبر لاجتياح الفيروس الدولة المليارية.
في أواخر إبريل الماضي وبعد شهرين من تخفيف الإجراءات الاحترازية، تجاوزت أزمة الهند حجم أي كارثة شوهدت في أي مكان آخر أثناء الوباء. على مدار ستة أيام من السبعة أيام التي تبدأ في 21 أبريل، سجلت الهند أرقامًا قياسية عالمية جديدة للإصابات اليومية بـ COVID-19 ، متجاوزة مرارًا وتكرارًا العدد البالغ 300000 الذي وصلته الولايات المتحدة سابقًا، ويحتل إجمالي الحالات المؤكدة- أكثر من 18 مليون - المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.
ووفقًا للإحصاءات الرسمية، فقد توفي حتى الآن أكثر من 200000، ويموت حوالي 3000 شخص يوميًا. يقول Bhramar Mukherjee، عالم الأوبئة في جامعة ميشيغان، إن العدد الحقيقي للوفيات اليومية أعلى مرتين على الأقل، من عدد الحالات التي يُرجح أن تكون أعلى بعشر مرات على الأقل، بناءً على نمذجة البيانات من الموجة الأولى.
وبعد انهيار النظام الصحي وخروجه عن الخدمة، استمرت الأزمة في التفاقم، فسجلت الهند أكثر من 357 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا في اليوم الواحد، ووصل عدد الإصابات إلى أكثر من 20 مليونا ووصل عدد الوفيات إلى نحو 222 ألف و500 حالة وفاة.
وفيما تعاني المستشفيات في جميع أنحاء البلاد من نفاد إمدادات الأكسجين وأجهزة التهوية والأسرة. يسارع الهنود لشراء عقاقير مثل ريمديسيفير، مما تسبب في ارتفاع أسعارها في دولة منتجة للدواء من الطراز الأول، بينما تكافح المختبرات لمعالجة الأعداد المتزايدة من اختبارات COVID-19. فقد توقع خبراء أن الأزمة لن تكون مدمرة لما يقرب من 1.4 مليار مواطن في البلاد فحسب، بل ستمتد آثارها إلى العالم كله.
وهذا ينبه العالم إلى خطورة التهاون، والتخفيف من الإجراءات الاحترازية دون دراسة الموقف جيدا.