إبراهيم الدراوي يكتب: عندما تنتصر مصر للقضية الفلسطينية
عندما تنتصر مصر للقضية الفلسطينية لا بد أن تصمت كل الأصوات النشاز التي تتحدث عن قضية هي في الأصل قضية مصرية بامتياز والتاريخ يشهد بذلك.. هي ليست قضية الفلسطينيين وحدهم بل قضية كل أحرار العالم.. لا نريد مزايدات من هنا ومن هناك لأن النائحة الثكلى ليست كالمستأجرة.
ومن هنا إذا أردنا شهادة لما تقوم به القاهرة من تدخل سريع وناجز في القضية؛ فلابد من سؤال أهل البيت: ماذا تفعل القاهرة للفلسطينيين وقضيتنا الفلسطينية العادلة، ولابد أن نسأل الابن الشرعي للقضية لا أن نسأل الرفقاء والأصدقاء، نسأل من لقب القاهرة بالشقيقة الكبرى، نسأل من شهد أن فتح وحماس بالنسبة للقاهرة في التعامل كالعينين من الجسد الواحد، نسأل من يهرعون إلى القاهرة عندما تأتي نائبة علي الشعب الفلسطيني بوجه عام وغزة بوجه خاص، نسأل الشعب الفلسطيني الذي يتفق قيادة وشعبًا وفصائل المقاومة الفلسطينية بجميع أشكالها وألوانها، بل نسأل تراب غزة وأشجارها وطرقاتها عن كم المصريين الذين ذهبوا إليها أيامًا وليالي يسهرون على الصلح بين الأشقاء الفلسطينيين فيها، بل نسأل جنبات المسجد الأقصى كم من المصريين الذين دافعوا عنها وعن كنيسة القيامة دون طلب من الشعب الفلسطيني أو القيادة الفلسطينية أو الفصائل الفلسطينية، بل تتدخل القاهرة عندما ترى الخطر يداهم القضية.
اسألوا كنيسة القيامة وكم تدخلت القاهرة دون طلب لصد التعنت الصهيوني تجاه الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، فتح وحماس، وكل الفصائل الفلسطينية، اسألوهم لا تسألوا المنتفعين من القضية بل اسألوا المتضررين من أبناء القضية الفلسطينية، ستأتي الإجابة: لولا مصر لما كانت هناك قضية ولم تكن هناك فلسطين.
ومن منطلق الالتزام التاريخي للقضية والمسؤولية القومية؛ تحملت مصر خلال أكثر من ثمانين عامًا، أي ما يقرب من قرن من الزمان، واجب الدفاع عن القضية الفلسطينية، وضحّت بأعز أبنائها وأغلى شهدائها من أجل أن يستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.
وكانت القضية الفلسطينية دومًا حية في الضمير الوطني المصري، بل في العقل الجمعي المصري حكومة وشعبًا، فقبل ثورة يوليو كان ما يجري في فلسطين موضع اهتمام الحركة الوطنية المصرية، وعقب انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في مايو 48 تدخل الجيش المصري في محاولة لمنع تفاقم المذابح التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قرية دير ياسين، بل ولعبت مصر دورًا مهمًّا عام 91 في مؤتمر مدريد ثم أيدت اتفاق أوسلو الذي ارتضاه الفلسطينيون في 93 وما تلاه من اتفاقات.
كما كان للقاهرة دور كبير من أجل ضمان الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بدءًا من غزة ووصولا إلى بدء المفاوضات الجادة للتسوية، والتي تقودها القاهرة إلى الآن، وكانت القاهرة لها الموقف الواضح والداعم للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في كامب ديفد الثانية في يوليو 2000، وهو عدم التنازل عن القدس وحقوق العرب فيها، وكان رد القاهرة واضحًا جليًّا في عدم قبول أي تسويات ظالمة.
وأكدت مصر وقتها أن الرئيس الفلسطيني لن يجرؤ على توقيع قرار بالتنازل عن المقدسات الإسلامية والتاريخية وحقوق الشعب الفلسطيني.
ولقد وقفت مصر دومًا تساند المفاوض الفلسطيني، ومكنت السلطة الفلسطينية خلال الفترة الماضية من تحقيق مكاسب ملموسة على طريق إنجاز حلم الدولة الفلسطينية، وبذلت مصر خلال السنوات الماضية جهودًا مضنية لرأب الصدع وتوحيد الصف وترتيب البيت الفلسطيني.
وستظل القضية الفلسطينية دوما في قمة أولويات الدولة المصرية قيادة وحكومة وشعبًا، وليس أدل على ذلك من حركة النشاط السياسي والدبلوماسي التي تشهدها القاهرة دعمًا وتأييدًا ومساندة لحقوق الشعب الفلسطيني في مقدمتها حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وما تقوم به مصر اليوم هو استعادة للماضي المشرِّف لمصر تجاه القضية الفلسطينية.
وللحديث بقية ما دامت هناك قضية، وألف تحية لأصحاب القضية مصر وفلسطين.