حسام مهيب.. من الحقوق لرائد الرسوم المتحركة
رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 26 مايو، الفنان حسام الدين مهيب، أحد رواد تصوير وإخراج الرُسوم المُتحركة ليس في مصر فقط بل أيضًا في الوطن العربي بأجمعه، الذي أُطلق عليه لقب الأب الروحي للرُسوم المُتحركة بلا منافس.
حبه للفنون ورفض أهله له
كان حسام مُهيب يعشق الفنون منذ صغره، وأراد أن يلتحق بكلية الفنون الجميلة، إلا أن نظرة المُجتمع ورفض أهله حال دون تحقيق هذا الحلم، لأنهم في ذلك الوقت كانوا ينظرون للفن على أنه عمل من لا عمل له، فالتحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ورغم التحاقه بكلية الحقوق فإن حلمه القديم ما زال يُسيطر عليه، وكان يُفكر كيف يمكن تحقيقه دون أن يتعرض لتحذيرات والده بالاهتمام بدراسته ويترك الفن جانبًا؟.
بقي الوضع كما هو عليه حتى أنهى أخوه علي مهيب دراسته الثانوية، وكان قد تشرّب حُب الفن من شقيقه الأكبر، وأراد أن يلتحق بكلية الفنون الجميلة ووافق والدهما وقتها حتى لا تتكرر المأساة التي وضع ابنه الأكبر فيها.
بداية مسيرته مع الرسوم المتحركة
لم ينس حسام حلمه يومًا بل ظل يحلم بذلك اليوم الذي سيحقق فيه حلمًا ظل يتمناه كثيرًا، وعندما التحق شقيقه الأصغر بكلية الفنون ورأى تغير وِجهة نظر والده، قرر أن يُجرب الرسم مرة أخرى، وأن يسعى لتحقيق حلمه، ولكن تلك المرة كان الوضع مُختلفًا، فلم يكن وحيدًا بل قام هو وشقيقه الأصغر بالعمل معًا في مجال الرُسوم المُتحركة.
قام حسام وعلي مهيب بتنفيذ مشروعهما على نفقتهم الخاصة، وكان علي يقوم بالرسم وحسام يتولى أمر التصوير، وكانت أول تجربة لهما عام 1958 عندما قاموا بتصوير فيلم يروي قصة الملك فاروق ومُغامراته وصحوة المُواطن الغلبان، في رسوم متحركة مصرية تحت عنوان "سقوط الملك فاروق" ومدته 3 دقائق، وساعدهما في تصوير هذا الفيلم الصاغ عدلي شريف الذي تلاقت هوايته مع الأخوين، وكان يملك الكاميرا التي صورت هذا الفيلم.
كما واجها الكثير من الصُعوبات لتحقيق حلمهم بعد أن وجدوا أنفسهم مسؤولين عن تنفيذ وتحقيق جميع مُتطلبات الإنتاج السينمائي، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على الأدوات اللازمة للتصوير والمواد الخام، وأصبحا على هذا الوضع حتى دخلا مبنى التلفزيون المصري في 1961، بناءً على اختيار المُهندس صلاح عامر رئيس التليفزيون حينذاك فهو كان شديد الإصرار على أن يُؤسس قسم الرسوم المُتحركة بأيدٍ مصرية، ليصبح حسام وعلي مهيب هم أول مؤسسي لقسم الرسوم المُتحركة في مصر والوطن العربي.
فيلم الخط الأبيض
كان فيلم الخط الأبيض أول فيلم من نوعه، فلأول مرة في تاريخ السينما المصرية يتم تصوير فيلم بالمزج بين الرسوم المُتحركة والسينما الحية، وحاز التلفزيون المصري بالجائزة الأولى الذهبية في المهرجان الدولي للتلفزيون بالإسكندرية عام 1965.
الفيلم فكرة وسيناريو الفنان حسام مُهيب، بطولة الفنانة نيللي والفنان ماهر العطار ونوال الصغير، وكان حسام مهيب هو مدير التصوير، وقام المهندس محمد مُهيب، الأخ الأصغر للأخوين بتصميم ديكورات الفيلم، واشتركت في التصوير السيدة حفيظة الطوبجي زوجة الفنان حسام مُهيب، والفنان عادل أنور والفنان الشاب فهمي عبد الحميد، وقام بالتلحين المُلحن الراحل سيد مكاوي والفنان حلمي بكر.
فيلم السويس 73
وسرعان ما قام الشقيقان بتأسيس ستديو خاص بهما في مُنتصف الستينيات في القرن الماضي، ليكون أول ستوديو رسوم مُتحركة في مصر والعالم العربي، حيث كنا نرى شعار الاستديو "مهيب" على الكثير من الإعلانات، إلا أن عملهم لم يقتصر على الإعلانات فقط بل قدموا العديد من الأفلام القصيرة أهمها "السويس 73".
وفي حرب الاستنزاف تعرضت مدينة السويس إلى دمار شامل، التي هي مسقط رأسهما، فعرضا على مؤسسة الأهرام أن يُنتجا فيلمًا تاريخيًا يُعبر عن الدراما الإنسانية الهائلة، وكالمُعتاد جاءت تجربة فريدة ومُتميزة، فذهب الأخوَان مع طاقم التصوير إلى مدينة السويس، ولم يكن لديهما خط درامي محدد ليتّبِعاه، ولكنهما قاما بتصوير الدمار الذي لحق بالمدينة، وعادا بعد 9 أيام ليكتبا سيناريو الفيلم مع مُراجعة اللقطات التي تم تصويرها.