مئذنة المسجد العتيق المائلة بجنوب الأقصر.. إشارة عسكرية لرد الخطر وإرسال المدد من القاهرة الفاطمية
تشتهر محافظة الأقصر بكونها مدينة أثرية، فللوهلة الأولى يطرأ على أذهانك عند سماعك هذا الوصف، المعابد وكل المزارات التي يعود تاريخها إلى مصر القديمة، لكن ليس هذا فحسب ما تكتنفه مدينة الشمس بين جنباتها، فهناك عدد من الآثار العتيقة التي تحفظ معالمها تاريخًا بعينه، على سبيل المثال لا الحصر، مئذنة المسجد العمري بإسنا في الجنوب.
المسجد العتيق الذي ظلت مئذنته شامخة حتى اليوم رغم انهيار أجزائه مع مرور الزمن، هو أقدم مساجد الأقصر، ويعود تاريخه إلى العصر الفاطمي، في عام 469 هـ، بينما يرجع تاريخ إنشاء المئذنة كما هو مدون في النص التأسيسي لها، في عام 474 هجرية، والتي أمر ببنائها أمير الجيش سيف الإسلام المستنصري، ليصبح مسجدها أبرز مساجد الصعيد.
أثرية المئذنة وعبقها لم يقتصر على مظهرها فقط، بل تُضفي هذه الصفة جمالًا إضافيًا على موقعها، إذ تبعد المئذنة العتيقة حوالي مئة مترًا عن معبد إسنا الذي يرجع تاريخه إلى عصر الدولة الوسطى.
محمد محيي، الباحث المتخصص في الآثار الإسلامية، قال إن المئذنة وقت تشييدها تخطت كونها تستخدم للآذان بل امتدت لتكون جرس إنذار للجيوش، وإشارة عسكرية، فكان عند قدوم خطر يتم إشعال النار أعلى المئذنة ثم تستكمل المآذن المجاورة عملية الإشعال حتى يصل التنبيه للقاهرة، فيتم إرسال المدد اللازم من القاهرة الفاطمية.
وأضاف محيي، لـ"القاهرة 24"، أنه في عام 1992 أحدث الزلزال ميلًا بالمئذنة، تم تدارك ذلك الميل بإسناد صلبات حديد، وعقب مرور عشرة أعوام تمت إزالة تلك الصلبات، لكن ظلت المئذنة محتفظة بذات الميل في شكل جعلها تبدو مائلة بثبات، مشيرًا إلى أن ما يميز المئذنة سلمًا من الداخل يتكون من 99 درجة بدايتها من الخشب وباقيها من الطوب، تتجوف المئذنة من الداخل حول عمود بوسط المئذنة، ويمتد ارتفاعها لنحو 23 مترًا.