هل تكون "الإخوان" ضحية تقارب تركيا وقطر مع مصر؟!
جماعة ترفع الإسلام شعارًا لها، ومع ذلك تنتعش وتظهر ويعلو صوتها حين تصطدم دولتها بالدول الأخرى، وأيضا يخبو صوتها، وتنطفئ جذوتها، ويهتز تنظيمها، ويختنق شبابها مع أول بادرة من بوادر التقارب أو التصالح بين وطنها ودولة أخرى.
جماعة الإخوان انتقلت من كونها تريد إقناع الناس بأنها جماعة ذات كفاءة إلى إقناع المجتمع بأنها جماعة ليست خائنة.
عاشت الجماعة على الصدام والاختلاف بين قطر ومصر، وعلى الصدام بين تركيا ومصر، ثم ظهرت بوادر التقارب بين مصر وقطر، وتطورت إلى زيارة وزير الخارجية القطري لمصر ودعوة قطر للرئيس المصري لزيارة الدوحة، وتطورت بين مصر وتركيا فكانت أول ثمرة من ثمار التفاهم بوادر وقف صوت التحريض الذي تبثه قنوات الإخوان برعاية الدولة التركية.
الأمل الذي تنتظره الجماعة هو ألا تستكمل تركيا ومصر مفاوضات التصالح أو التقارب، بعد تسارع وتيرة التقارب المصري القطري.
إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد الإخوان لم يكتف بالضربة النفسية والعملية التي ظهرت من تقارب تركيا وقطر مع مصر، لكنه شارك في ضربة جديدة حين قال في تصريح لقناة الجزيرة منشور على موقعها: "إذا عُرض على المعارضة المصرية والإخوان جزء من المعارضة الحوار مع النظام المصري بما ييسر أحوال المعتقلين، ويحسن أحوال الشعب فلن نرفض".
إذن هو نسي الشباب الذي حرضه على الوقوف ضد جيشه ومؤسساته ووطنه، ونسي الحرب الوهمية التي غررت فيها الجماعة بالشباب حتى صاروا بين مقبوض عليه وهارب ومطلوب للمحاكمة، وجاء اليوم لينتظر من النظام المصري أن يعرض عليه المصالحة!!
وهو هنا يواصل التزييف حين يقول: "بما ييسر أحوال المعتقلين، ويحسن أحوال الشعب"، فيتحدث عن تيسير أحوال المعتقلين، وليس الإفراج عنهم، ويتحدث عن تحسين أحوال الشعب، وهي عبارة فضفاضة ليس لها ضابط محدد.
ومن هنا يتبين أن الجماعة جعلت شبابها وقودًا لمعاركها السياسية، وأنها خانت الوطن حينما عاشت على أمل تصادم مصر مع الدول الأخرى، وحين حرضت عليه.
إن تركيا رضيت بأن تنحاز لجماعة وتخسر دولة، واستخدمت هذه الجماعة واستثمرتها لإسقاط الدولة المصرية، ووفرت لها منابر إعلامية ولجان إلكترونية بتمويل قطري لهز الداخل المصري وتشويه الوضع الداخلي وصناعة اليأس وترسيخ الخلاف.
مع مرور الوقت، أصبح تأثير هذه القنوات ضعيفًا، ولولا ضعف الإعلام المصري لأصبحت بلا تأثير أصلًا، ومع ذلك تخسر تركيا خسارة فادحة إثر رعاية قنوات لا تأثير لها على أرض الواقع المصري، فتأخذ خطوة التقارب مع مصر.
مع الوضع الاقتصادي في تركيا، وانحسار مشروع أردوغان التوسعي، والإخفاق في الملف الليبي والمصالحة العربية التي جففت التمويل لمشروع تركيا التوسعي.. كل ذلك جعل تركيا تبحث عن تفاهمات أو مصالحات مع مصر.
وفيما يخص قطر فإن وتيرة التقارب التي بدأت منذ أول يوم من قمة (العلا)، تسارعت جدا كما قلنا، والراصد لقناة الجزيرة الفضائية يسهل عليه رصد التغييرات في المادة الإعلامية التي تقدمها القناة فيما يخص الشأن المصري، ونموذج تناول القناة لسد النهضة خير دليل.
هذه الخطوات ضحيتها الأكبر جماعة الإخوان، لأنها تفتقد بهذا الحماية والسند وتفتقد منابر التحريض الباقية لها، وما بقي من جماعة الإخوان ومشروع حسن البنا إلا منابر التحريض، وحتى هذه صارت مهددة.