صدمة ارتفاع تكلفة الديون السيادية.. كيف تستعد مصر لمواجهة الأزمة؟
تواجه مصر مخاطر اقتصادية خلال الفترة المقبلة نتيجة لارتفاع تكاليف التمويل، كونها أحد الأسواق الناشئة التى تتسم بمخاطر مرتفعة في تكاليف إعادة الديون، وفق تقرير حديث لمؤسسة التصنيف الائتماني العالمية ستاندر آند بورز.
وأجرت وكالة التصنيف الائتماني سيناريوهات لمواجهة التأثير المحتمل للارتفاع السريع لتكاليف الاقتراض لتمويل الديون السيادية على عجز الموازنة، من بينها سيناريو الصدمة التى يتمثل في ارتفاع معدلات إعادة التمويل بمقدار 300 نقطة أساس، سيرتفع الإنفاق على الفائدة في مصر كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 1.2 نقطة مئوية في العام الأول، ويعتبر هذا أقل قليلا من الزيادة البالغة 1.3 نقطة مئوية التي ترى أن جنوب أفريقيا تواجهها في هذا السيناريو، وأعلى من الزيادة البالغة 0.9 نقطة مئوية التي ستوجهها غانا وكينيا.
غير أن خبراء اقتصاديون اعتبروا أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات المالية للحد من مخاطر تكلفة التمويل، ودعم زيادة النمو الاقتصادي وفق خطة مستقبلية، نفذت الحكومة جزء كبير منها بالتوازي مع مواجهة جائحة فيروس كورونا.
وتجاوزت مدفوعات خدمة الدين في مصر والهند ونيجيريا 30% من إيرادات الدولة في عام 2021، دون حدوث أية تغييرات في تكاليف إعادة التمويل الحالية.
وكانت وزارة المالية توقعت في مشروع موازنة العام المالي الجديد 2022/2021، أن تمثل تكلفة خدمة الدين نحو ثلث الإنفاق العام.
وأوضح محمد عبد العال الخبير المصرفي، أن عوامل تعرض الدول لمخاطر الاقتراض السيادي يكون بسبب انخفاض الملائة المالية والتي ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة أو انخفاض التصنيف الائتماني للدولة ومن ثم ستكون أسعار الفائدة مرتفعة حتى وإن لم تتحرك فائدة العملة المقترض بها.
وقال إن الاقتراض السيادي يتعرض دائما لمخاطر الاقتراض من السوق الخارجي وبالتالي تقلبات أكثر، إلا أن الحكومة المصرية بدأت الإجراءات الوقائية والاحترازية منذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وأيضًا معاودة الإجراءات الاقتصادية بعد أزمة كورونا وترتب على ذلك تحقيق فائض أولي بنحو 2% من الناتج المحلى.
ونجحت مصر في خفض الدين العام الداخلي والخارجي عن طريق اللجوء الى الاقتراض الخارجي بسندات بفائدة أقل من الاقتراض الداخلي، مؤكدا أن التحول إلى القروض طويلة الأجل يساهم في تجنب اختناقات السيولة على الآجل القصير.
وأضاف أن مصر اتجهت لاستخدام هذه القروض في مشروعات تنموية، واستحداث أدوات مالية جديدة مثل السندات السيادية والخضراء أقل تكلفة، لتحقيق الضبط المالي، ودفع معدلات النمو الاقتصادي.
واعتبر محمد عبد العال الخبير المصرفي، في تصريح خاص لـ"القاهرة 24"، أن معدل النمو المتوقع وفق خطة الحكومة 5% يساهم في تحمل أعباء الدين.
ومن جانبه يرى على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن مصر نوعت مشروعاتها الاقتصادية بشكل يمكنها من تحقيق نتائج سريعة وهو ما انعكس بالإيجاب على تصريحات وتقارير المؤسسات المانحة والتي أبدت رغبتها في دعم مصر ماليا بشكل كبير، مؤكدة على قدرة مصر على سداد التزاماتها المالية في المواعيد المستحقة.
وأضاف في تصريح خاص أن البنك المركزي ووزارة المالية شاركا عبر تنسيق تام في تهيئة المناخ الاقتصادي عبر إطلاق العديد من المبادرات لتنشيط قطاعات الاقتصاد المختلفة من خلال زيادة نسبة نموها في الناتج المحلي الإجمالي وهو ما انعكس على حصول مصر على أكبر ثاني اقتصاد عربي مؤخرا بعد نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار إلى أن خطة تنويع مصادر الحصول على تمويل خارجي وزيادة مدة الدين هو أمر جيد ويساعد الاقتصاد على التعافي وتحقيق نهضة موازية في نفس الوقت مع الالتزام بسداد مستحقات الشركاء الدوليين.