علاقة إثيوبيا بالكيان الصهيوني
تنص المادة الثالثة من دستور إثيوبيا الذي صدر في سنة 1931 م علي ما يأتي: “يقر القانون أن الشرف الإمبراطوري سيظل بصفة دائمة متصلًا بأسرة هيلاسلاسي الذي يتسلسل نسبه بدون انقطاع من أسرة منليك الأول ابن سليمان ملك بيت المقدس وملكة إثيوبيا المعروفة باسم ملكة سبأ”.
ولم تكن هذه المادة إلا ترديدًا لما يعتقده الشعب - دون أن يخالجه أي شك في هذا الاعتقاد - من أن ملوكه يتسلسلون من منيك الأول ابن ملكة سبأ.
وفي سنة 1955 م، استبدل بالدستور القديم دستور آخر، نصت المادة الثانية منه على أن "يظل العرش بصفة دائمة محصورًا في نسل هيلاسلاسي الأول، المتسلسل من الملك سهلاسلاسي الذي هو بدون توقف أو انقطاع من نسل أسرة منيك الأول ابن ملكة إثيوبيا ملكة سبأ من سليمان ملك بيت المقدس".
ويروي الإثيوبيون لهذه الزيارة “زيارة ملكة سبأ لسيدنا سليمان عليه السلام”، قصة تعتبرها الحكومة قصة رسمية، فبالغوا في المحافظة علي مظاهر خاصة من أجل أن يجعلوا انتسابهم إلي سيدنا سليمان بن داود عليهما السلام أمرًا مفروغًا منه، وكانت ماكيدا ملكة إثيوبيا تحكم الحبشة واليمن.
وسوف نتناول هذه القصة سياسيًا وفى التوراة والإنجيل والقرآن العظيم في القريب العاجل إن شاء الله تعالي ولكن نهر النيل في خطر أقصد.
هذه القصة تعتبرها الحكومة الإثيوبية قصة رسمية، واسمحوا لنا أن نسردها كما وردت عندهم مع التحفظ على كل مخالف، وسوف نسرد هذه القصة كما وردت في التوراة والإنجيل والقرآن.
كانت ماكيدا ملكة إثيوبيا تحكم الحبشة واليمن فترامى لهذه الملكة العظيمة صيت بعيد في جميع أنحاء العالم. وكانت هذه الملكة واسعة الثروة والغني تملك من الذهب والفضة والعدد الهائل من الجمال والعبيد الذين يعملون بإرشادها، وتحت إمرتها، في نقل التجارة إلي الهند وأسوان.
وكان هناك تاجر يدعي تامارين أو ثمر الدين، يملك خمسمائة وعشرين جملًا، ثلاثمائة وسبعين سفينة، وعندما سمع به سليمان الذي كان يحكم بيت المقدس أرسل إليه يدعوه ليحمل له شيئًا من تجارة الحبشة والجزيرة العربية من الذهب الأحمر والخشب الأحمر الذي يعز على السوس، فلبى التاجر الدعوة، وذهب إلى هناك، اشترى منه الملك كل ما عرضه عليه من ثمين العروض، وأجزل له العطاء، حتى إذا عاد التاجر إلى ملكته ماكيدا في الجنوب أخذ يقص عليها بعض ما شاهده وأجب به من حكمة سليمان الذي كانت كلماته كالماء للعطشان، والخبز للجائع ، والدواء للمريض، والكساء للعاري، كما قص عليها أمر هيكله الذي بناه في بيت المقدس. وكيف كان يستخدم في بنائه سبعمائة نجار، وثمانمائة بناء حتى جعله تحفة تروق للعين ولا تسأم التطلع إليه.
وأخذت الملكة تستمع إليه في سأم أولا ثم لم تلبث أن مالت إلى سماع حديثه وأنصتت إليه، وتطور الحال إلى أن صارت تسأله عن هذا الملك العظيم وتلح في السؤال، وقد زاد إعجابها به، وزرع الله في قلبها الرغبة في أن تذهب إلى بيت المقدس لتري هذا الملك العظيم وتتزود من حكمته.
وزرع الله في قلبها الرغبة في أن تذهب إلى بيت المقدس لترى هذا الملك العظيم وتتزود من حكمته، ولم يكن يثنيها عن عزمها إلا ما تعرفه عن طول الرحلة ومشاقها وما يتعرض له المسافر من أخطار الطريق. على أنها لم تلبث أن أعلنت رغبتها إلى شعبها فوافقها على ما تريد، فأمر ثمر الدين أن يقوم بأمر الرحلة، فأعد سبعمائة وسبعة وتسعين جملًا وعددًا لا يحصى من الحمير والبغال. وبدأت الملكة ذات الجاه رحلتها الخطيرة محاطة بكل أسباب العظمة والفخامة.
ولما وصلت إلى هناك استقبلها الملك العظيم، وأحاطها بكل أساب الترحيب، وأفرد لها جناحًا خاصًا في قصره، فأمر خدمه وطهاته أن يقوموا على خدمتها، وأن يجهزوا لها ولأفراد قافلتها كل ما يحتاجونه من أسباب الراحة حتى لا يشعرون بألم الاغتراب وخصص لها فرقة مكونة من خمس وعشرين راقصة، لتقدم لها من ألوان التسلية ما يروح عن نفسها.
وزارها سليمان كثيرًا في قصرها، وأكثر من هذه الزيارة، لما كان يحسه من متعة الجلوس إليها والاستماع إلى حديثها، كما جلست هي إليه واستمتعت بحديثه، فشكرت الرب الذي هداها إلى أن تقوم بهذه الزيارة لتسمع حديثه، وتمتلئ من حكمته، ولمست كيف تشعب علمه، وشمل جميع أنواع الفنون، واكتشفت أنه كان يعرف لغة الحيوان والطير، وأنه كان يملك قوي يسيطر بها على الأرواح والشياطين التي كانت تأتمر بأمره. كل ذلك أعطاه الله إياه، لأنه لم يكن يبغي الشهرة أو الانتصار في الحرب أو الثروة بل الحكمة وحدها.
استمعت ماكيدا إلي سليمان العظيم وامتلأت من حكمة، ونزلت كلماته في قلبه، وأخيرًا وجدت في نفسها الجرأة لأن تكلمه عن ديانتها، إذ أنها كانت وشعبها تعبد الشمس، وأنها سمعت عن الله الواحد، وعن تابوت العهد، وعن ألواح موسي النبي، فشرح لها سليمان قوة الله خالق كلي شيء، مبدع كل شيء ، فسرعان ما اعترفت بقوة الله الأحد، خالق السماء والأرض.
وأمضت ماكيدا في هذه الضيافة ستة أشهر زارت في أثنائها سليمان كثيرًا في قصره، وزارها سليمان في جناحها. وأخيرًا أرسلت إلى الملك رغبتها في العودة إلى مملكتها ولو أنها تود أن تمكث مدة أطول. جالت في خاطر سليمان فكرة الزواج بهذه الملكة الجميلة الممتلئة بالحكمة، فأرسل إليها يقول لها إنها انتوت العودة دون أن ترى طريقة حياته في قصره، ودعاها لأن تقيم في هذا القصر لتتم حكمتها، قبلت ماكيدا الدعوة وانتقلت إلى القصر، حيث هيأ لها مكانًا تستطيع أن ترقب منه كل ما يجري في القصر دون أن تزعج أحدًا.
وكانت غرفتها مزينة بأبهج وأجمل وأغلى ما عرفه العالم من الجواهر الكريمة والطنافس الفاخرة والأستار الثمينة والذهب، كما كان الهواء معطرًا بالعطور والبخور زيت المر، وكان الطعام يحمل إليها محتويًا على كل ما في الدنيا من أطايب الطعام والشراب، ما جعلها تقبل عليه بنهم، وزاد في إقبالها عليه ما كانت تحويه المائدة من النبيذ الفاخر والأفاوية أي -التوابل - التي تفتح الشهوة وتزيد العطش وتزيد العطش الذي لا يطفئه إلا الإقبال مرة أخرى على الطعام والشراب.
وبعد ذلك جمع سليمان الطهاة في قصره، وأمرهم أن يجهزوا طعامًا لكل من بالقصر، وأعطاهم من مخازنه كل ما هو شهي من الطعام والتوابل النفاذة الرائحة. أكثرت من شرب الماء البارد ليلًا ونهارًا دون أن تروي ويطفأ ظمؤها. وفي الليلة الثالثة أمر سليمان سرًا جميع من بالقصر وخارجة ألا يقدموا لها الماء شيئًا، وإلا كانوا عرضة للموت، وإذا سألتهم عن مكانه فليجيبوها أنه بجوار سرير الملك.
وفي الليل شعرت الملكة بالحرارة في جوفها، بسبب ما أكلته من توابل كثيرة، وأمرت خادمتها بصوت عالٍ أن تأتيها بالماء، ولكنها لم تستطع أن تقدمه لها، ما جعلها تدخل القصر وتسأل كل إنسان عن الماء، وكان كل واحد يجيبها بقوله: إنه بجوار سرير الملك فعادت ورفيقتها إلى سريرهما، ولكنها لم تستطع صبرًا، فكادت روحها تزهق، فأسرعت إلى القصر مرة أخرى ودخلت حجرة الملك، وكان يتظاهر بالنوم فشربت الملكة حتى ارتوت، واستعادت روحها، وشعرت أن قوتها ردت إليها بعد أن كادت تموت.
وعندما أردت أن تعود أدراجها قفز إليها الملك مسرعًا وأمسكها وقال لها: “لقد أصبحت زوجتي وفقًا لقانون الملوك، فقد جئت إلى حجرة نومي، وحصلت على شيء ليس لك. هو الماء الذي أغلى شيء في الوجود وعليه تقوم الحياة فوهبت له نفسها عن إرادة وحرية”.
نام سليمان فرأى في الحلم شمسًا ساطعة ظهرت في السماء وسارت حتى وصلت إثيوبيا.. وللحديث بقية.