أقوى عملات الأسواق الناشئة.. كيف تحرك الجنيه أمام الدولار خلال 7 سنوات؟
يعد تحريك سعر الصرف، أحد أبزر الخطوات الاقتصادية في تاريخ مصر، وبه تم وضع أساس واضح لحركة الجنيه أمام العملات الأجنبية على رأسها الدولار، كما تم وضع الجنيه المصري أمام مقومات العرض والطلب وقوة الاقتصاد، حتى يتسنى لصناع القرار العمل بشكل واضح على إصلاح الاقتصاد المصري.
وفي مطلع عام 2013 كان الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي عند مستوى موحد للشراء والبيع 6.51 جنيه، قبل أن يرتفع 20 قرشا لنحو 6.75 جنيه بنهاية الربع الأول من هذا العام.
وفي أواخر 2014، شهد الدولار عدة قفزات فى السوق السوداء واضطربت الأسواق الرسمية، عندما بلغ سعر العملة الصعبة 7.67 للشراء و7.74 جنيها للبيع في السوق السوداء، بينما كان بـ 6.65 جنيه في البنوك، مما دعى هشام رامز، محافظ البنك المركزي آنذاك ، إلى التأكيد أن البنك سيتخذ إجراءات فنية للسيطرة على السوق السوداء للعملة وعلى سوق الصرف.
وخلال السنوات اللاحقة، حاولت الحكومة تعزيز السيطرة على سوق العملات وعدم ترك السوق لعبة بيد التجار، ففي أواخر الربع الأول من 2016، تمهيدًا للخطة القوية لتعزيز الاقتصاد، خفّض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه بأكثر من 14%، لتصل إلى 8.85 جنيهات مقابل الدولار الأمريكي، في أول تخفيض رسمي في عهد محافظ البنك طارق عامر.
تحرير سعر الصرف
ويوم الخميس 3-11-2016، أعلن البنك المركزي المصري، برئاسة طارق عامر، تحرير سعر الصرف وفقا لآليات العرض والطلب، موضحًا أن القرار جاء حرصًا منه على تأكيد ثقته في الاقتصاد المصري وتحقيق الاستقرار النقدي استهدافا لمستويات أدنى من التضخم فقد قرر اتخاذ عدة إجراءات لتصحيح سياسة تداول النقد الأجنبي من خلال تحرير أسعار الصرف لإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي بهدف استعادة تداوله داخل القنوات الشرعية وإنهاء تماما السوق الموازية للنقد الأجنبي.
وفي الكتاب الدوري للقرار، تم إطلاق الحرية للبنوك العاملة في مصر في تسعير النقد الأجنبي وذلك من خلال آلية الإنتربنك ورفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى 14.75 و15.75 على التوالي ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى 15.25% وزيادة سعر الائتمان والخصم بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى 15.25%.
وفي نهاية نوفمبر، سجل الدولار أعلى سعر رسمي على الإطلاق مقابل الجنيه المصري، وقفز متوسط أسعار الدولار لدى البنك المركزي لمستوى 19.52 جنيها، لكنه رغم ذلك وصل لـ20 جنيهًا في السوق السوداء وقتها، وفق عدد من التقارير.
تراجع الدولار
وبداية من 2017، بدأت الأسعار في التراجع، بزيادة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، في خزائن البنك المركزي المصري، وارتفاع إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنحو 1.6 مليار دولار خلال شهر واحد فقط عقب تحرير سعر الصرف، ومع مطلع شهر فبراير 2017، سجل أقل معدل له منذ التعويم، ليصل إلى 15.83 جنيها، وذلك نتيجة تراجع الطلب على الدولار، وزيادة الحصيلة الدولارية بالبنك المركزي بقيمة بلغت نحو 4 مليارات دولار قيمة بيع السندات الدولية التي طرحتها مصر، في الأسواق العالمية.
ووصل الدولار رحلة طويلة من التحركات على مدى عامي 2018 و2019، لكنه شهد أصعب اختبار في 2020 عندما عصفت أزمة كورونا بالتجارة والاقتصادات العالمية بداية من شهر مارس، إلا أن مرونة الاقتصاد المصري لم تكبد الجنيه أية خسائر أمام الدولار، ليصبح أحد أقوى العملات في الأسواق الناشئة عالميا.
الجنيه أقوى عملات الأسواق الناشئة
ووفق الشهادات الدولية في الاقتصاد المصري، سجل الجنيه المصري أقوى أداء بين عملات الأسواق الناشئة خلال عام 2020 رغم جائحة فيروس كورونا المستجد، فمن بين 9 عملات رئيسية بالأسواق الناشئة تم رصد تحركاتها خلال عام 2020، كان الجنيه المصري الوحيد الذي نجح في مواجهة الدولار، ليغرد منفردا بمكاسب بلغت نسبتها 2.25% خلال العام، في حين منيت عملات الأسواق الناشئة الأخرى بخسائر تراوحت بين 2 و30% أمام الدولار الأمريكي، بحسب تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط.
وبنهاية عام 2020، بلغ متوسط سعر صرف الدولار الأمريكي بالسوق المصرية 15.66 جنيه للشراء و15.76 جنيه للبيع مقابل 15.99 جنيه للشراء و16.09 جنيه للبيع في 2019، مرتفعا بنحو 10 قروش عن أدنى مستوياته التي سجلها في نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته وأقل بنحو 60 قرشا عن أعلى مستوياته التي سجلها نهاية مايو/أيار 2020 عندما بلغ 16.21 جنيه للشراء و16.31 للبيع.
وبعد هذه الرحلات القوية والاختبارات الصعبة للعملة المصرية، استقر سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في البنك المركزي المصري خلال الأسبوع الجاري وسجل مستوى الشراء: 15.62، ومستوى البيع: 15.72 جنيه.