كيف تناولت الرواية المصرية شخصية جمال عبد الناصر؟ ناقد أدبي يجيب
قال الناقد الدكتور حسين حمودة، أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة القاهرة، إن شخصية جمال عبد الناصر، لها الحضور الكبير الذي نعرفه في تاريخ مصر الحديث، وربما في تاريخ مصر الممتد كله، وتأسيسًا على هذا الحضور تعددت التناولات له، وحوله وعنه من وجهات شتى، منها الوجهة الأدبية والإبداعية عمومًا.
وأضاف حمودة، في حديث خاص لـ"القاهرة 24"، أنه بالتزامن مع ذكرى تنحي جمال عبد الناصر بعد نكسة 1967، فإنه في مجال الرواية وحدها كانت هناك عشرات الأعمال الروائية، التي قاربت تجربة عبد الناصر، من زوايا متنوعة ومتباينة، تأسيسًا على زوايا النظر التي أطل منها الروائيون على هذه التجربة، وتأسيسًا على ما انطلقوا منه، أو انتهوا إليه، من تقييم لهذه التجربة التي كان لها، كما نعرف جميعًا، أبعاد كثيرة، وطنية وسياسية واجتماعية.
وأوضح حمودة أنه في مجال الرواية صدر عدد كبير من الروايات التي كان عبد الناصر جزءًا من عالمها، وهي روايات تنتمي لأجيال عدة، ولانتماءات مختلفة، ولأسماء كثيرة مشهودة، منها: نجيب محفوظ، وجمال الغيطاني، وصنع الله إبراهيم، وبهاء طاهر، ويوسف القعيد، وجميل عطية إبراهيم، ومحمد المنسي قنديل، وخليل الجيزاوي، وأحمد مراد.
وأشار إلى أن كثرة هذه الروايات قادت إلى اتخاذها محورًا للتحليل في بعض الدراسات، منها كتاب للدكتور شحاتة محمد الحلو بعنوان "صورة جمال عبدالناصر في الخطاب الروائي"، وكتاب للأستاذ مصطفى بيومي بعنوان "عبدالناصر في الرواية المصرية ـ الحلم والكابوس".
وأفاد بأن تباين الآراء وزوايا النظر والتقييمات لشخصية عبد الناصر، في الروايات التي قاربت تجربته، ينطلق من سمة روائية كبرى، إذ ينهض الفن الروائي ابتداءً على قيمة "التعدد"، وتأسيسًا على هذه القيمة الروائية كانت هناك إمكانات لوجود "صور" حول عبد الناصر ومشروعه لا نهاية لتعددها في تلك الروايات، والحقيقة أن هذا التعدد، الذي يصل إلى حد التناقض أحيانًا مرتبط بالتجربة الناصرية كلها، التي كان لها "نقلاتها" الإيجابية على مستويات كثيرة، وكان لها أيضًا ما يراه كثيرون تراجعًا في مستويات أخرى، ولنا أن نتذكر تجربة، أو فلنقل معاناة، كاتب واحد هو نجيب محفوظ، في محاولته للوصول إلى تقييم موضوعي لهذه التجربة، وهي معاناة جعلته يتوقف عن الكتابة لسنوات، حتى يتأمل هذه التجربة، ويتقصى توجهاتها، وحتى يستطيع تكوين رأي عادل ومتكامل إزاءها.
وأوضح أن التعدد في وجهات النظر حول شخصية جمال عبدالناصر، في كل ما صدر حتى الآن من روايات اقتربت من عالمه وتجربته ومسيرته ومشروعه، سوف يظل قائمًا في روايات أخرى عديدة أتصور أنها سوف تصدر عنه، فالمؤكد أن ما أحاط بعبد الناصر قد أحدث تأثيرات هائلة في المجتمع المصري والعربي، وفي السياسة العالمية، وفي غير ذلك.. وهذا كله تبلورت عنه مادة روائية خام، غنية جدًا، تسمح بتناولات روائية وغير روائية، لا نهاية لها.