على قدر المستطاع
حينما يحل بلاء على إنسان ما، يتضرع إلى ربه متقربًا إليه، يشكو من البلاء الواقع عليه، متمنيًا من المولى عزوجل أن يرفعه سريعًا لعدم قدرته على التحمل وما سيؤول إليه ذلك البلاء مستقبلًا، أيا ما كان نوعه أو شكله، قريبًا منه أم بعيدًا، يمسه بشكل شخصي أو في شيء آخر، ولم يدرِ أن الله يعطي البلاء على قدر المستطاع.
اقترب صديق ما يشكو ما آل إليه من مشكلات حياتية تنغص عليه معيشته، وظل يصول ويجول في تلك المشكلات التي ربما تكون بالنسبة لغيره سعادة ما، فإن ما يأتي إلينا من مشكلات هو مقدر من عند الله عز وجل، وإنما يريد الله تعالى أن يختبر صاحب الهم ويعرف ماذا سيفعل إذا حل به البلاء، وكذلك رد فعله.
ما نمر به من مشكلات حياتية يرسلها الله تعالى على قدر تحمُّل الشخص، فإذا أصيب شخص ما بفيروس كورونا المستجد وكان في عزله وحيدًا، يمنحه الله القدرة على فعل ما يريد القيام به بنفسه من تحضير للطعام والشراب، وغيرها، فماذا إذا نزل به المرض وكان صعبًا على قدرته للتحمل فلا يستطيع أن يطعم نفسه أو يسقيها، فالله أنزل به المرض وكان على قدر تحمله فأنعم عليه بالشفاء.
ويبتلي الله تعالى عباده بالسراء والضراء وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم كما يفعل بالأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- والصلحاء من عباد الله، كما قال النبي ﷺ: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب، فتكون العقوبة معجلة كما قال سبحانه: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير".
وكما قال الحكماء قديمًا، إن للابتلاء فوائد كثيرة، فمنها تكفير الذنوب ومحو السيئات، وكذلك الشعور بالتفريط في حق الله واتهام النفس ولومها، وتقوية صلة العبد بربه، وتذكر أهل الشقاء والمحرومين والإحساس بآلامهم، فهي تعطي للإنسان دروسًا حياتية رائعة في التأمل والتدبر، ولا يوجد أي شخص زاره الابتلاء إلا وكان درسًا قويًّا له.