الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

حكايتنا مع "بيت الطاعة".. الخيانة والتهديد ليس كافيًا لـ"الطلاق"

عنف ضد المرأة - تعبيرية
تقارير وتحقيقات
عنف ضد المرأة - تعبيرية
الأحد 13/يونيو/2021 - 01:42 م

لا عز كعز الأب، لكن عندما تعود المرأة إلى نفس المنزل "مهجورة"، فتسقط أحلامها وترضى بقليل الذل من رجل جاءت للعالم فوجدته والدها، هربا من رجل اختارته بنفسها ليكون آمرها بحكم قانون الزواج المصري، بولدين وفي الثلاثين تجلس “نرجس” 30 عاما، من محافظة الدقهلية، فاقدة أن تعيش حلما جديدا وهي على أبواب اختيار جديد بين أن تستمر وتتحمل مسؤولية ابنيها اللذين يستشرفان مستقبليهما، أو تعود بحكم الطاعة إلى منزل زوجها الذي خرجت من داره للذل الذي رأته.

حكم الطاعة كان محركها لوالدها قبل أن تتزوج قبل 7 سنوات، ومع المهانة التي تعرضت لها في بيت زوجها، أصبح عليها أن تعود مرة أخرى لبيت زوجها بحكم القانون وبين هذا وذاك تقول: "زوجي رفع السلاح وهددني بالقتل، والآن يستخدم سلطة إنذار بيت الطاعة لإسقاط النفقة وليس رغبة فيها.. وفي النهاية عليّ العودة لرجل لا يرغبني، هل يستحق إنسان كل هذا العذاب؟!".

إسقاط النفقة وعودة نرجس إلى منزلها لم يكونا الأمرين الوحيدين لإسقاط أحقيتها في نفسها، فلرجلها حيلة أخرى ترويها بابتسامة رويت بدموع حزن المرأة التي تعرضت للخيانة وعليها أن تعيش معها، ووسط كل ذلك غيّر الزوج عنوان محل الزواج ووضع محل أسرته مكانها ليجعلها خاضعة أكثر.

أمام المحكمة وبكل ما تعرضت له نرجس من خذلان كان عليها أن تروي تفاصيل خيانتها فقالت: "كنت دايما أتعرض للإهانة والضرب كنت لا أشعر معه بأي أنواع الأمان، كنت أراه دائما يتعاطى المخدرات التي تجعله يتحول لشخص آخر يرعب كل من حوله حتى وصل الأمر أنه رفع علي راسي السلاح وهددني بالقتل". ومع ذلك صدر الحكم.. الطاعة للرجل والعودة له مرة أخرى.

 

ما تعرضت له نرجس، وثقه التحقيق على لسان عدة حالات تعرضن لنفس الأذى، ومع ذلك صدر القرار ضدهن بالطاعة، حيث يستغل الرجال المادة رقم 25، والتي تمنح الرجل حق توجيه إنذار الطاعة لزوجته بعد حدوث خلاف بينهما وخروجها من البيت بغير رضاه، هذا الإنذار هو دعوة من الزوج لزوجته للعودة إلى مسكن الزوجية على أن يوفر بيتا ملائما لها، فيه وسائل الحياة التي تتناسب مع الظروف المعيشية لزوجته، وتطلق عليه العامة "بيت الطاعة".

عبير سليمان، الباحثة ورئيس مؤسسة ضد التمييز، تقول إن إنذارات بيت الطاعة إجراء يستخدمه الزوج للضغط على الزوجة من أجل أن تتنازل عن حقوقها المشروعة، مؤكدة أن هذا الإجراء عقيم وخالٍ من مضمونه الذي حدده القانون، مشيرة إلى أنه محاولة تأديبية لكي يعرقل لها مسارها القانوني والقضائي، واصفة الزوج بأنه يستخدم أسلوب ”قضية أمام قضية".

"هو رافع القضية عشان مش عاوز يدفعلي الـ500 جنيه النفقة" بلسان يتجلى فيه الحزن، تقول السيدة "ن.ج" إن الهدف وراء إنذار بيت الطاعة الذى أرسله إليها زوجها هو رغبته في عدم سداد قيمة النفقة التي حددتها لها المحكمة من أجل إطعام أبنائها، مؤكدة أن المبلغ غير كافٍ: "مش بيكفي عيش حاف".

تخفض نبرتها عالية الحزن التي كست أرجاء المنزل، حيث يذاكر أشقاؤها للثانوية العامة بينما عليها أن تأوي أحزانها في ضلوعها وحيدة ففي النهاية هذا بيت الأسرة وليس بيتها وحدها حسبما أشارت لها والدتها، ومع رفضها طلب زوجها بيت الطاعة عليها أن تأقلم نفسها، حيث لم يحضر أي جهة أمنية لإجبارها على الرجوع إلى المنزل، مشيرة إلى أنها تلقت محضر من القسم التابع له ليخطرها بأن لديها حكما ويجب عليها تنفيذه.

بيت الطاعة الذي طلبه لها زوجها، لم يتضمن أن يدفع مصاريف طفلين كانت حامل فيهما مع طردها من المنزل، فهي أشياء لا تشترى، لكن ما يهمه هو النفقة والمال والدفع: "ولادي حته من القمر.. حياتهم أحلى من غير أبوهم اللي أنا اخترته غلط "بهذه الكلمات علقت السيدة عندما سألها عن تأثير غياب الأب عن الأطفال".

ما هو حكم النفقة

هو التزام قانوني على الرجال لتوفير الدعم المالي لزوجاتهم بعد الانفصال الزوجي أو الطلاق، وينبع الالتزام من قانون الطلاق أو قانون الأسرة في كل دولة وتقليدها، يتم دفع النفقة من قبل الزوج إلى زوجته السابقة، ولكن منذ السبعينيات الميلادية، كانت هناك تحركات في العديد من الدول الغربية للمساواة بين الجنسين مع اعتراف المتشابه بأنه يحق أيضا للزوج السابق الحصول على النفقة من زوجته السابقة.

المادة 11 مكرر ثاني من الرسوم بقانون رقم 25 لسنه 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنه 1985 تنص على أنه (إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع وتعتبر ممتنعة دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها وعلية أن يتبين في هذا الإعلان المسكن والطالب ينذر المعلن إليها بموجب هذا الإعلان للعودة إلى منزل الزوجية وإلا اعتبرت ممتنعه دون وجه حق عن طاعته وتوقف نفقتها من تاريخ الامتناع).

ومن جانبه، قال المحامي حسن شومان، إن الإعلام يطلق تسمية خاطئة على قضية "بيت الطاعة" ولكن التسمية الصحيحة "إنذار بالطاعة"، هو يقوم به الزوج عن طريق محامٍ مختص.

وأوضح شومان، أنه كان قديما يتم القبض على الزوجة على يد محضر ويسلمها إلى زوجها وهذا تم حذفه من القانون المصري منذ فترة طويلة، مُشيرًا إلى أن المسار الطبيعي لهذه القضية، ينتظر الزوج 30 يوما من تاريخ الإنذار خلالها، إن لم تقم الزوجة بالعودة إلى المنزل أو برد على الطلب أو الطعن عليه ورفضها العودة وتقديمها للمحكمة ما يبرر نشوزها، ويكون من حق الزوج أن يتقدم من بعدها بدعوة نشوز الزوجة والتي يترتب عليها سقوط نفقة المتعة الخاصة بها فقط وليست جميع حقوق الزوجة كما يرددها الجميع، وإن كان في بعض الأحوال يزيد القاضي من العقوبات الواقعة على الزوجة.

وأشار شومان إلى أن من حق الزوجة الاعتراض على هذا الطلب عن طريق الذهاب لقلم المحضرين داخل المحكمة وحرر اعتراضها وتسجل هذا الاعتراض أسباب عدم رغبتها في العودة للمنزل وبيان التحقيق الذي يتم الحكم إما بإطلاق للضرر أو يرفض الاعتراض.

كما أكد أن ما يتم عليه التنفيذ في عودة الطاعة هو مسكن بيت الزوجية وشروطه أنه يكون مسكنا آمنا وصالحًا للسكن ويكون خاليا من سكن الغير.

تقول سيدة إن زوجها رفع قضية إنذار الطاعة ليأخذ ضدها حكم نشوز وبالتالي تسقط عنها النفقة والمؤخر والمتعة، وتقول مستنكرة: "ضربني هو وأمه وعايزني أرجع له بإنذار طاعة ؟!".

طرد من المنزل

تروي السيدة في حديثها مع "القاهرة 24"، أنها طردت من منزلها منذ ولادة ابنها وأخبرها زوجها بعدم الرجوع، قائلة: "كنت لسه والدة وقالي روحي عند أمك وبعد ما روحت قالي ماترجعيش تاني"، مُضيفة أنه استولى على الدهب والشقة وكل ما يخصها، مؤكدة عدم عودتها  إلى منزلها مرة أخرى نظرًا لأنه لا يصلح للمعيشة.

"من يوم ما مشيت مسألش فينا، حتى ابنه ما يعرفش شكلوا أيه".. تتذكر السيدة أنها تلقت طلب إنذار الطاعة بصدمة، ومن ثم ذهبت إلى المحامي، مُشيرة إلى أن الجلسات يومي 19 و20 من الشهر الحالي، حاكية أن من ضمن المواقف المهينة التي تعرضت لها كان التهديد دومًا بالطلاق والطرد من البيت.

النفقة هي الغاية، والخلاص منها هي رغبة الرجل في استخدام حق الطاعة، حسبما أشارت الباحثة عبير سليمان، حيث يتم استخدام هذه القضية كأداة لترهيب الزوجة على عكس نية المشرّع الذي وضع القانون بهدف لم شمل الأسرة وإجهاد أي محاولة للانفصال عن زوجته.

تابع مواقعنا