مستقبل الرقائق الإلكترونية اليابانية مرهون بمجمع علوم في تايوان
قال "أكاري إماري"، وزير الاقتصاد السابق والعضو البارز في الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، "على عكس الطريقة المحلية والمستقلة التي تم تبنيها في الماضي، أعتقد أننا بحاجة إلى التعاون مع نظرائنا في الخارج".، بحسب بلومبرج.
وفي الحقيقة، تُعدّ هذه براغماتية رائعة لبلدٍ كانت سياسته الصناعية تدور إلى حد كبير حول حماية وعزل شركاته للحفاظ على الهوية الوطنية. ومع ذلك، فإن ثلاثة عقود من التراجع تُظهر أن السياسات السابقة لم تُحقق المطلوب.
تراجع اليابان وتقدم أمريكا
الجدير بالذكر أنه في عام 1988، استحوذت اليابان على 50% من صناعة أشباه الموصلات العالمية، وفقاً لعرض تقديمي عرضته هذا الشهر وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة، والذي يستشهد ببيانات من شركة الأبحاث "أومديا".
في ذلك الوقت، احتلت أسماء مثل "إن إي سي"، و"توشيبا"، و"هيتاشي"، و"فوجيتسو" ستة من المراكز العشرة الأولى في حصة السوق، إلى جانب الشركتين الأمريكيتين العملاقتين "إنتل"، و"موتورولا".
بحلول عام 2019، كانت حصة اليابان 10%؛ في حين قفزت الولايات المتحدة إلى 50%، بسبب صعود مصممي الرقائق مثل "كوالكوم"، و"إنفيديا كورب"، و"أدفانسد مايكرو ديفايسز".
حيث صعدت هذه الشركات الأمريكية بفضل نموذج أعمال متشعب بمساعدة شركة "تايوان سيميكونداكتور مانوفاكتشورينغ"، وهي مستأجر رئيسي في مجمعات العلوم الشهيرة بالجزيرة.
حيث يعكس الترتيب مجموعات المهارات التكميلية، فبدلاً من تصميم وتصنيع الرقائق، كما كان الحال من قبل، أصبحت معظم الشركات الأمريكية تقوم الآن بالاستعانة بمصادر خارجية من مسابك مثل "تايوان سيميكونداكتور مانوفاكتشورينغ" (TSMC).
الشريك المثالي
وأضاف "أماري" أن "تايوان سيميكونداكتور مانوفاكتشورينغ" هي بالضبط نوع الشريك الأجنبي الذي يجب أن تعمل معه الشركات المحلية، نظراً لأنها أكبر صانع في العالم لأشباه الموصلات غير المرتبطة بالذاكرة.
وما من شكٍ في أن كلماته تحمل وزناً نظراً لأنه يرأس مجموعة عمل حزبية حول استراتيجية الرقائق كجزء من سياسة رئيس الوزراء "يوشيهيدي سوغا" لدمج خطط الصناعة في خطط النمو الحكومية.
وما تزال اليابان رائدة عالمياً في مجال المعدات والمواد المستخدمة في الإنتاج. ونظراً لأن صناعة الرقائق تزداد صعوبة بشكل متزايد، فلا مفر من تكاملٍ أكثر إحكاماً عبر سلسلة التوريد؛ حيث لدى الشركات التايوانية، بما في ذلك "تايوان سيميكونداكتور مانوفاكتشورينغ" و"يونايتد مايكرو إلكترونيكس كورب"، الكثير لتقدمه.
تقارب بين اليابان وتايوان
في الحقيقة، أصبحت العلاقات بين تايوان واليابان أيضاً واحدة من أقرب العلاقات في شرق آسيا؛ وفي هذا السياق، تبرعت طوكيو الأسبوع الماضي بـ 1.24 مليون جرعة من لقاح كوفيد-19 الذي تشتد الحاجة إليه في ظل نضال "تايبيه" لاحتواء تفشي المرض. كما يشترك البلدان في علاقات تجارية وثقافية وسياحية وثيقة، ويشعران بتوترات اقتصادية وعسكرية متزايدة من بكين.
ولا تخلو فكرة التعاون في مجال أشباه الموصلات من سابقة. فمنذ أكثر من عقد من الزمن، حاول "يوكيو ساكاموتو"، رئيس شركة "إلبيدا ميموري"، أكبر صانع لشرائح الذاكرة في اليابان آنذاك، حشد مجموعة من الشركات المحلية والتايوانية لمحاربة عملاقي الصناعة "سامسونغ إلكترونيكس"، و"مايكرون كورب".
ونُشير إلى أن قطاع أشباه الموصلات الياباني كان في حالة تراجع بالفعل؛ حيث تشكّلت "إلبيدا" من خلال اندماج شعبتي الذاكرة في "إن إي سي كورب" و"هيتاشي ليمتد" في عام 1999، وهو الوقت الذي انخفضت فيه حصة الدولة بالفعل إلى أقل من 30%. ولم يعتقد "ساكاموتو" أن الشركات اليابانية أو التايوانية يمكنها البقاء بمفردها؛ حيث قال في عام 2010: "ليس لدينا القدرة المطلوبة".