"زمزمُ الأرَبِ" شعر علي الشيمي
حُزنًا عَلَى مَوطِنٍ للسَّادَةِ العَرَبِ
"مَزَجتُ دَمعًا جَرَى" بالشّعرِ والأدَبِ
فارتجَّ دمعِي عَلى نَحرِي وَعذّبَنِي
ذِكرٌ لأجدادِنَا الأطهَارِ كالسُّحُبِ
إنّ المعرِّيَ في ذِمَّارَ ذُو بَصَرٍ
تَبكِي قَوافِيهِ مَحسُودَةُ النّسَبِ
"يا عمُّ مَا أرخصَ الإنسانَ فِي بَلَدِي"
فاصدَحَ بِمَا شِئتَ يا "برْدُونُ" وانتَحِبِ
"مِنْ أرضِ بلقيسَ" تمرٌ سِرُّهُ عَسَلٌ
دُونَ النَّوَى طَعمُهُ "أشهَى مِنَ العِنَبِ"
فِي سَدِّ مأربَ آياتٌ نُرتِلُهَا
فتستفيضَ حنَانًا سُلطَةُ الكُتُبِ
لا تستَوِي سَاحةٌ خضرَاءُ وَارِفةٌ
وَسَاحةٌ جَمرَةٌ مِن ثَورَةِ الغَضَبِ
لا يستَوِي يَمَنٌ كانتْ سعادَتُهُ
تَسقِي عُروبتَنا مِن زَمزمِ الأرَبِ
إِكسِيرُ أَبجَدِهِ أَحيَا شَعائِرَنَا
مِياهُ مأرَبهِ طَابتْ بِلا سَبَبِ
جِبالُهُ سُرُرٌ .. أبناؤُهُ دُرَرٌ
تاريخُهُ نَاصِعٌ فِي غُرّةِ الشُّهُبِ
وَمَنْ يُمزِّقُهُ كَدَفترٍ خَرِبٍ
خَالُوا بِأنَّهُمُ مِنْ أفضلِ النُّخَبِ
بلقيسُ دامعةٌ ..صنعاءُ مُقفِرَةٌ
عدنٌ بها طِفلةٌ مُنهَكَةُ الهُدُبِ
تبتْ يَدَا كُلِّ مَنْ مَاتَتْ شَهَامَتُهُ
صَبَّ الدِّلاءَ مِنَ الأحقَادِ فِي الشَّغَبِ
ما كانَ أحمقَ نفسٍ دمَّرتْ وَطنًا
زَجّتْ بأقدَامِهِ "فِي سُوءِ مُنقَلبِ"
مَزّقتَ ثوبَ السّنَا في أوجِ عِزّتِهِ
دَمّرتَ شَعبًا أبيًّا يا أبَا لَهَبِ
في مِصرَ أفئدةٌ يَندَى تَضرُّعُها
ترجُو لإخوتِها تفريجةَ الكُرَبِ
ياربُ.. إخوتُنا في مِحنةٍ نَشَبَتْ
في الظَّهرِ أَظفارَهَا كالنّارِ فِي الحطَبِ
لَولَا النّسورُ بِقلبِ الجَوِّ لَانْطَلقَتْ
تلكَ البلابِلُ في حُريَّةِ الطّرَبِ
إنّ التدخلَ في شَأنِ الورَى خطَأٌ
إلّا بِخَيرٍ فَليسَ الجِدُّ كاللعِبِ
قَلبِي علَى إخوتِي يكادُ يَأكُلنِي
والشوقِ مِنِّي كشوقِ الجِذعِ للخُطَبِ
قُمْ أيُّها اليَمنُ المَسعودُ مُنتفِضًا
سيفُ بنُ ذِي يَزنٍ سيفٌ مِنْ الذّهَبِ