سالت دماؤه على المصحف وهو يقرأ القرآن.. ذكرى فتنة مقتل عثمان بن عفان
في مثل هذا اليوم منذ عام 656، اُغتيل ثالث الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة والملقب بـ"ذو النورين" عثمان بن عفان، لتبدأ بعد وفاته الفتنة الكبرى غيرت أسس الدولة الإسلامية، وأبقتها في صراعات وخلافات ما زالت مستمرة حتى الآن.
ولد الصحابي عثمان بن عفان، بعد عام الفيل بست سنوات، وكانت كنيته ذو النورين لأنه تزوج بابنتي الرسول رقية ثم بعد وفاتها أم كلثوم، ودخل الإسلام بعد أن دعاه ثاني الخلفاء الراشدين سيدنا أبو بكر وقد تجاوز عمره الثلاثين، وكان عثمان أول مهاجر إلى أرض الحبشة لحفظ الإسلام ثم تابعه سائر المهاجرين، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة، تزوج عثمان رقية بنت رسول الله محمد وهاجرت معه إلى الحبشة وهاجرت معه إلى المدينة.
تولى الخلافة بعد مقتل عمر بن الخطاب وهو في عمر الـ68 لمدة 12 عامًا وبدأت أحداث الفتنة في النصف الثاني من ولايته وهى التي أدت لاستشهاده، وفي اختياره للخلافة قصة تُعرف بقصة الشورى وهي أنه لما طعن عمر بن الخطاب دعا ستة أشخاص من الصحابة وهم: علي بن أب طالب وعثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن عوام وطلحة بن عبيد الله، ليختاروا من بينهم خليفة، حيث ذهب المدعوون إلى لقاء عمر إلا طلحة بن عبيد الله الذي كان في سفر وأوصاهم باختيار خليفة من بينهم في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصًا على وحدة المسلميـن، فتشاور الصحابـة فيما بينهم ثم أجمعوا على اختيار عثمان وبايعـه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة 23 هـ.
الفتوحات الإسلامية
اتسعت رقعة الدولة الإسلامية في عهد عثمان بن عفان، حيث تم في عهده فتح أرمينية، وطرابلس الشام التي كانت آخر معقل للبيزنطيين، بالإضافة إلى فتح جزيرة قبرص، والإسكندرية والقوقاز وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية.
كما تم في عهده توسعة المسجد النبوي عام 29-30، وأنشأ أول أسطول بحري لحماية بلاد المسلمين من هجمات البيزنطيين.
تجهيز جيش العُسرة
جهز عثمان بن عفان جيش المسلمين الذي توجه للقاء الروم في معركة تبوك آخر الغزوات التي خاضها الرسول التي سميت بغزوة العُسرة، وذلك بسبب أن تلك الغزوة كانت من أصعب الغزوات على المسلمين بسبب شدة الحر وبعد المكان وقلة المال والدواب، ولصعوبة الموقف حث الرسول المسلمين على الإنفاق في سبيل الله، فكان عثمان بن عفان أول المسارعين لفعل الخير، حيث تبرع بألف دينار وثلاثمائة بعير بأسلحتها وأقتابها.
جمع القرآن الكريم
بعد أن كثرت الفتوحات الإسلامية في عهد خلافته ودولًا مختلفة، اختلف المسلمون في قراءة القرآن، حيث تعلم أهل العراق قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وتعلم أهل الشام قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه، وتعلم غيرهم قراءة من مصحف عائشة، بالإضافة إلى نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف، نتج اختلاف بينهم في حروف الأداء، ووجوه القراءة، ممّا كاد أن يؤدي إلى فتنة عظيمة، إذ أخذ بعض المسلمين يخطئ بعضهم الآخر وتكفيره، طالب حذيفة بن اليمان من عثمان بن عفان بجمع الأمة على مصحف موحد مُجمع عليه.
عين لجنة مِن علماء الصّحابة فيهم زيد، وابن الزبير، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، عبد الرحمن بن الحارث رضي الله عنهم، وأمرهم بجمع القرآن الكريم، ففعلوا ذلك، ثم أرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل مصحف أن يُحرق.
توفي عثمان بن عفان في شهر ذي الحجة من عام 35 هـ وهو في عمر الـ82، بعد أن اقتحم الخوارج داره من الخلف وهجموا عليه وهو يقرأ القرآن وحاولت زوجته الدفاع عنه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعوا أصابعها، واستطاعوا أن يتمكنوا منه حتى سالت دماؤه على المصحف.