منصات.. وقنوات!

بنظرة سريعة؛ يمكن تصنيف القنوات الدينية التي دخلت البيوت في بلادنا العربية خلال السنوات العشر الأخيرة إلى الآتي:

أولًا: القنوات الصوفية والسلفية: 

وهي قنوات قليلة العدد، حتى الآن لكنها تبدو في حالة صراع دائم حول الأفكار والمعتقدات، وسط اتهامات متبادلة. تمثل هذه القنوات أغلبية القنوات الفضائية المتخصصة في الدين الناطقة باللغة العربية، وتعطي مختلف التلوينات المذهبية والايدولوجية، وتعتبر قناة «الرسالة، إقرأ والناس والفجر والعفاسي والمجد وقناة دليل... "، من أبرز هذه القنوات. ويمول العدد منها رجال أعمال (اقرأ، الرسالة)، بعضهم يمتلك بالاضافة إلى القنوات الدينية، قنوات أخرى للموسيقى والأفلام (مثل قناة "الرسالة" التي يمتلكها رجل الأعمال الوليد بن طلال) وبعضها الآخر حضر في مضمونها البُعد التجاري (قناة الناس).

الشاهد أن مشاهير الدعاة من السلفيين أمثال أبو إسحاق الحويني ومحمد حسين يعقوب ومحمد حسان وغيرهم من شيوخ السلفية استخدموا القنوات الفضائية، مثل "الناس" و"الرحمة" وغيرهما من القنوات الفضائية كمنصات لإطلاق قذائفهم ومدفعيتهم الثقيلة ضد الشيعة والصوفية، حتى أن بعض دعاة السلفية أصدر فتاوى بكُفر بعض الصوفيين، في حين اكتفى البعض الآخر بـ"تفسيقهم". ليس هذا فقط بل إن بعض السلفيين خلطوا بين الصوفية الفلسفية التي يمثلها ابن عربي والصوفية العملية الموجودة في مصر مثلًا، وكفروا الجميع.

ثانيًا: قنوات الشيعة: 

ظهرت عشرات من القنوات المذهبية التي تروج لمذاهب الشيعة، ويتم إطلاقها من إيران والعراق ولبنان والكويت.

من الممكن حصر أشهر القنوات الشيعية التي تحظى بنسب مشاهدة ليست بقليلة في أوساط الشيعة العرب، في الآتي: قناة "أهل البيت" الفضائية، وهي تعد من أكثر القنوات الشيعية انتشارًا، ومكان بثها من كربلاء بالعراق، وهي مدعومة من هادي المدرسي، وهو من المراجع الشيعية المعروفة في العراق، والقناة تقدم برامجها بثلاث لغات العربية، والإنجليزية، والأوردية. ويليها قناة ("الأنوار"، الأولى والثانية)، وكذلك قناة "المنار" اللبنانية والمملوكة لحزب الله، وإن كانت ذات أبعاد سياسية من حيث الموضوعات والأهداف، لكن هذا لا يمنع بثها للعديد من البرامج الدينية المذهبية بشكل مباشر. وقناة "المعارف"، وتُبث من البحرين، وتعود ملكيتها للشيخ حبيب الكاظمي، وهو ممن لهم وجودهم الخاص في العديد من البلدان ذات الكثافة الشيعية مثل العراق وقُم ولبنان. والعديد من القنوات الأخرى مثل "الزهراء" وهي تبث من لندن وعلى القمر الأوربي (هوت بيرد) فقط، و"الفرات" وهي تبث من العراق، وتابعة لمجلس الثورة الإسلامية بالعراق. وكذلك قناة "الكوثر" وهي قناة ناطقة باللغة العربية، تتبع بشكل مباشر الحكومة الإيرانية.

الملاحظة الجديرة بالذكر أن معظم تلك القنوات حديثة العهد، فلم يتجاوز أقدمها، وهي قناة "أهل البيت" عام 2005. ومن أحدثها قناة "فورتين" أو الأربعة عشر، إشارة إلى الأربعة عشر معصومـًا، وهم الاثنا عشر إمامـًا والنبي وفاطمة.

من الملاحظ كذلك التنوع في أماكن البث، فمنها من هو عراقي، وإيراني، ومنها من يبث من أوروبا مباشرة. بل إنها ذات انتشار واضح في عدد الأقمار التي تبث من خلالها، مما يؤكد أن لهذه القنوات دورها في سياق الإعلام الديني والمذهبي، بحيث تشكل شبكة واسعة من المتلقين، بالإضافة إلى مواقعها على شبكة المعلومات التي تبث بثـًا حيـًا بالتوازي مع العرض الفضائي.

ومن أهم البرامج التي تعمد إلى إثارة خلافات مذهبية قناة "أهل البيت" (برنامج "سبل الإسلام")، كما تعمل القناة على الترويج للمذهب الشيعي بشكل تبشيري، باستضافة من تحول من السُنة إلى التشيع أو المستبصرين، وتدخل معهم في سجالات متعددة ضد المذهب السني. كما أن الخطاب الأجنبي المقدم باللغة الإنجليزية، يتعامل مع الآخر والمفترض أنه غير مسلم من الأساس بشكل هادئ للغاية، كما تعمل على ترويج الحكايات الشيعية الخاصة بالأئمة بكثافة متزايدة، وتبتعد تمامـًا عن أي سجال مذهبي في هذا الخطاب تحديدًا، لتعطي انطباع أن للإسلام وجهـًا واحدًا فقط، ولا يحتمل التعدد. أي أن الخطاب المقدم في هذه القنوات يعتمد على شقين رئيسيين، أولهما التواؤم مع الذات الشيعية لأبعد حد ممكن، وتنحية أي خلاف داخلي قد يظهر في تاريخ التشيع، بشكل يوحي بخطاب موحد رغم اختلاف ممولي، ومناطق بث القنوات.

ثالثًا: القنوات الدينية المسيحية:

توجد عدة قنوات تعمل في العالم العربي، وقد انتشرت في السنوات الأخيرة، وتستعمل لغات ولهجات محلية للتواصل مع المجتمعات العربية. وتكثر القنوات المسيحية الناطقة بالعربية على جميع الأقمار الفضائية، لكنها ابتعدت عن القمر الصناعي المصري "نايل سات" بوسيلة أسهل وأرخص من أخذ تردد على القمر المصري، وهذا من خلال البث على قمر "يوتل سات" وهو أحد الأقمار التابعة للشركة المالكة لقمر "هوت بيرد"، وهذا القمر يدور في نفس مدار نايل سات 7 درجات غربـًا، وهو ما يجعل القنوات التي تبث عليه يقرؤها القمر المصري، وسعر التردد عليه بالدولار أرخص من "نايل سات".

هذه القنوات موجهة للمسيحيين في الشرق الأوسط والمسلمين. وبجانب حرص البعض على إنشاء قنوات فضائية مسيحية متخصصة، فإنهم يعتمدون على شراء وقت لبث برامج ذات طابع مسيحي داخل قنوات عامة، سواء كانت إخبارية أو اجتماعية. وهي لا تعتمد على الإعلانات، وتمولها كنائس مختلفة، ويدعمها رجال أعمال مسيحيون في الداخل والخارج، كما يمولها مجلس الكنائس العالمي. ومن أمثال هذه القنوات: "الحياة" و"الروح" (سات 7)، و"سات 7 كيدز" للأطفال، و"الشفاء"، و"الكرمة"، و"المحبة"، و"نور سات" و"معجزة"، و"ملكوت"، و"سبريت"، إضافة إلى قنوات أخرى شهدناها على الأقمار الصناعية، مثل "الملكوت"، و"أغابي"، و"الكتاب"، و"المعجزة" Miracle وCTV وVIP والرسول.