العمارة الخضراء.. كيف تؤثر البنايات الجديدة على صحة المواطنين؟
يتجه العالم أجمع نحو إرساء مفاهيم التعافي الأخضر، ومواجهة التغيرات المناخية والاحتباس الحراري على كوكب الأرض.
وتعد تقنية العمارة الخضراء صديقة البيئة، أحد المحاولات لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة كالميثان والأوزون وأكسيد النيتروز والغازات الفلورية، ومحاربة تلوث الهواء؛ للحفاظ على البيئة وعمر الأرض والكائنات الحية.
وظهر مصطلح العمارة البيئية لأول مرة من قبل المعماري الإيطالي- الأمريكي باولو سوليري، ويعني خلق مبادئ التصميم المعماري لمساكن مكتظة بالسكان، ومنخفضة التأثير علي البيئة.
وتقوم المباني الخضراء أو صديقة البيئة على أساس تقليل استهلاك الطاقة، وخفض تكاليف الصيانة والإحلال والتجديد، والحفاظ على صحة السكان، وترشيد استخدام الموارد الطبيعية وصونها.
40% من الانبعاثات من المباني
مفهوم العمارة الخضراء يعني إنشاء مبانٍ تقوم على أساس الترشيد في استخدام الطاقة والمياه ومدخلات البناء بصفة عامة، كما يوضح الدكتور حسين أباظة، المستشار الحالي لوزارة التخطيط، وكبير مستشاري وزارة البيئة للتنمية المستدامة سابقا.
وقال في تصريحات خاصة لـ "القاهرة 24"، إن تلك المباني توفر في استخدام المياه عن طريق تركيب صنابير موفرة، وتسمح بإعادة تدوير المياه واستعمالها في ري المساحات أو الأسطح الخضراء من حولها.
ويؤكد المستشار الدولي للتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، أن نسبة 36% إلى 40% من الانبعاثات تخرج من قطاع التشييد والبناء.
ترشيد الاستهلاك
ويرى أباظة أن ترشيد الطاقة يأتي من خلال استخدام "لمبات ليد" الموفرة، أو الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة شمسية من سخانات وألواح.
استخدام مواد بناء صديقة للبيئة، سواء البديلة للأسمنت أو الطوب الأحمر، بالإضافة إلى الاستعانة بالمواد المحيطة بالبيئة المحلية بمكان المبنى، مثل الحجارة؛ توفيرًا لعملية النقل وما ينتج عنها من عوادم سيارات وزيادة الحرارة.
تقنية حديثة للعمارة تقلل من استخدام مواد البناء التقليدية مثل الأسمنت، وتساعد في الوقت نفسه على طرد الحرارة في فصل الصيف، والاحتفاظ بها في الشتاء، مما يوفر في استعمال الطاقة.
كما تراعي المباني الخضراء الأبعاد البيئية من تجنب آشعة الشمس المباشرة، ومستوى تهوية جيد يسمح بتدوير الهواء وتنفس المبنى، ما يخلق بيئة صحية تحافظ على حياة البشر.
إعادة التدوير
وأشار المستشار الدولي للتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، إلى تدوير مواد البناء والهدم الناتجة عن قطاع التشييد، وشدد على ضرورة توفير حوافز للمستثمرين في هذا المجال لدعم الصناعة؛ نظرًا لتكلفتها المرتفعة عن مواد البناء التقليدية
كما تحدث الدكتور حسين أباظة، مستشار وزارة التخطيط الحالي، وكبير مستشاري وزارة البيئة السابق، عن وحدات البيوجاز كنموذج لتقليل الانبعاثات والحد من استخدام الوقود التقليدي، وإعادة تدوير متبقيات الزراعة في القرى، وهي تجربة يمكن تطبيقها في المناطق الحضرية بحسب تصريحاته.
وأكد أباظة في حديثه لـ "القاهرة 24"، أن وحدات البيوجاز، والاتجاه نحو الاقتصاد الأخضر والعمارة الخضراء، يهدف إلى تقليل الانبعاثات ومواجهة التغيرات المناخية، وبالتالي تخفيف العواقب السلبية الناتجة عن زيادة انبعاث ثاني أكسيد الكربون.
زيادة الانبعاثات 2% خلال عام
من جانبها قالت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، إن قطاع التشييد والبناء دوليا وتبعا لآخر تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يستهلك 36% من الطاقة، وأدى لزيادة الانبعاثات الملوثة خلال عام 2017/ 2018 بنسبة 2%.
وأبدت الدكتورة ياسمين استعداد وزارة البيئة لتقديم الدعم الفني اللازم لكافة المهتمين من القطاع الخاص والمصرفي والمطورين العقاريين للدخول في مجال التشييد الأخضر.
وأشارت خلال الكلمة التي ألقتها في افتتاح المؤتمر الدولي الثالث للتشييد المستدام وإدارة المدن الذكية، أمس، إلى أن الوزارة اتخذت خطوات سريعة منها اعتماد 16مواصفة لإعادة استخدام مخلفات الهدم والبناء في الطرق، بالتعاون بين وزارة البيئة ومركز بحوث الإسكان والبناء.
توفير 90% من الطاقة
وبحسب تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ، لعام 2014، فإن استخدام التكنولوجيا الحديثة في البناء من المتوقع أن تساهم في تخفيض استهلاك الطاقة والانبعاثات ذات الصلة بمقدار مرتين إلى عشر مرات.
كما توقع التقرير تخفيض تلك الانبعاثات مرتين إلى أربع مرات في المباني القائمة، وأشار إلى توفير الطاقة في المباني البيئية بنسبة 50 إلى 90% في جميع أنحاء العالم.
كيف تطابق المباني في مصر رؤية الدولة للتنمية المستدامة؟
أجابت عن هذا السؤال ورقة بحثية بعنوان "تقييم تجربة العمارة المستدامة في مصر" صدرت عام 2016، عن قسم العمارة بكلية الهندسة جامعة الأزهر، ونُشرت في مجلة الجامعة، حيث رصدت الجوانب الرئيسية التي تجعل تصميم المباني مطابق للتنمية المستدامة، وذلك على النحو التالي:
التقليل من استخدام الطاقة الناتجة عن البترول في الجوانب التي تستهلك الطاقة، ويقصد بها الطاقة المستعملة في عمليات النقل والإنشاء والتصنيع والتركيب والطاقة المستعملة خلال عمر المبنى، واستخدام مواد يعاد تدويرها وتصنيعها.
الاعتماد على أكبر قدر ممكن من الإضاءة الطبيعية في عملية التصميم، والتأكد من بساطة إدارة المبنى والبعد عن التعقيد والتركيب في أشكال وأساليب الإدارة.
الاعتماد على التهوية الطبيعية وتأثيرها في المكان وتقليل استخدام الطاقة وتحقق الراحة حرارية، بالإضافة إلى استخدام الطاقة الشمسية في أنظمة التسخين والتبريد مع استعمال الآلات في أضيق الحدود.
استغلال الفرص لتوليد طاقة كهربية متجددة في الموقع واستخدام خلايا فوتوفولتية، وترشيد استخدام المياه مثل تطهير المياه غير النظيفة وإعادة استخدامها، وخلق بيئة خارجية تحقق الراحة في الرؤية وتعطي فوائد بيئية مثل: التظليل في الصيف بالأشجار.