حافظ إبراهيم ودفاعه عن اللغة العربية ضد الاستعمار الفكري
فلا تكِلوني للزمان فأنني.. أخاف عليكم أن تحين وفاتي، هكذا تخيل الشاعر حافظ إبراهيم المولود في 24 من فبراير 1872م، لسان حال اللغة العربية، وهي تندب حالها وتستنجد برجالها المخلصين، في قصيدته "اللغة العربية تنعي حظَّها بين اهلها" وتعد تلك القصيدة من أهم وأشهر أعمالة.
جعل حافظ من اللغة العربية إنسان يتحدث ويبث آلامه ومخاوفه، لكن السامع كان كالأصم، لم ينتبه للشكوى، "رجعتُ لنفسي فاتهمت حصاتي.. وناديتُ قومي فاحتسبت حياتي"، ولم يصموا آذنهم فحسب، بل رموها بالعقم وبالجمود، وهي ليست كذلك، فتمنت أن تصاب بالعقم حتى لا يحزنها قولهم، "رموني بعقم في الشباب وليتني.. عقمتُ فلم أجزع لقول عداتي"
"أنا البحرُ في أحشائه الدُّر كامِنن.. فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي" رأى حافظ أن اللغة بحر، وقصد معنى البحر الدال على الاتساع، وأيضًا الذي يطوي داخله الاصداف واللآلئ، فاللغة واسعة كالبحر نفيسة كالدر، وتعجب حافظ في قصيدته من أقول البعض بعجز اللغة عن تسمية الاختراعات الجديدة، ومواكبة التطور الذي اجتاح العالم.
وكان البعض قد دعى إلى التخلي عن اللغة العربية، أو استبدال الحروف العربية باللاتينية، وأول من دعا لذلك داوود الجلبي، في رسالة نشرها في 1906م، وتبعه العديد بعد ذلك، فكان رد الشاعر أنه لا عزٍ ولا كرامة بالتشبه بلغات الغرب، "أرى لرجال الغرب عزًا ومنعة.. وكم عز أقوام بعز لغات"
ويعد حافظ من رواد مدرسة البعث والإحياء، والتي نشأت للحفاظ على اللغة والأدب العربي من الانحطاط، وردها إلى مكانتها التي كانت تشغلها على مر العصور، وقد لقب حافظ بشاعر النيل، لما له من دور هام في الحفاظ على الهوية الأدبية العربية والمصرية، في مواجهة الاستعمار الحربي والفكري.
وتوفي حافظ في 21 يونيو عام 1932م، وقد أتم ستون عام، ملأها بالشعر والنضال.