الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

تحيةٌ للقاضي الجليل محمد السعيد الشربيني

السبت 26/يونيو/2021 - 11:52 م

ما قام به القاضي الجليل المستشار محمد السعيد الشربيني على مدى ساعة وهو يدير استجوابا أو مناقشة أو مواجهة مع الشيخ حسين يعقوب أو بالأحرى مع السلفية الحاضرة، أفضل وأنفع من كل المؤتمرات التي عقدت على مدار السنوات الماضية لمواجهة التطرف.

تحية إجلال وتقدير  للقاضي الجليل وزملائه، فقد ناقش الأزمة من جذورها، حين قرأ نص التحقيقات مع المتهمين بارتكاب جرائم قتل وعنف، فلم يغفل اعترافات المتهمين التي تحدثوا فيها عن نشأتهم ومرجعياتهم الدينية التي استمدوا منها منهجهم وتصرفاتهم، والمراحل الأربعة التي مروا بها، بداية من مرحلة الالتزام، ثم الانتماء للتيار السلفي، ثم الإيمان بمنهج السلفية التكفيرية، ثم تنفيذ ذلك على أرض الواقع من خلال إراقة الدماء.

وجد القاضي أن المتهمين حددوا أسماء مشايخ هم الذين أثروا في عقولهم، ومن هؤلاء : الشيخ محمد حسين يعقوب، والشيخ الحويني، والشيخ محمد حسان، ومن ثم استجاب القاضي لطلب دفاع أحد المتهمين بطلب الاستماع لشهادة الشيخين، آملا في أن يجد مخرجا لهؤلاء الشباب على اعتبار أنهم ضحية لهؤلاء الشيوخ، ودخل القاضي التاريخ، ورفع اسمه عاليا حينما طبق صحيح القانون، وأصدر قرارا بضبط وإحضار الشهود، وناقش يعقوب في فكره، حتى يحصل المتهمون في القضية على حقهم الكامل.

القاضي تعامل مع يعقوب بأدب وإنصاف واحترام، وكأن أحيانا يسأله سؤالا ويقول له: قلت ما شئت في الإجابة، وفي نفس الوقت كان حازما جادا لم يترك فرصة للهزار أو النكات التي حاول الشاهد حسين يعقوب قولها.

المستشار الجليل معروف بالجدية والصرامة ودائما يستخدم قول الله تعالى: «أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ».

ومن عباراته التي دائما ما يقولها بصوته الجهوري المؤثر: "إن مما تواترت عليه الشرائع السماوية أن صون الإنسان أعلى غاية للأديان، وأسمى تعاليمها، وأجل مقدساتها، فالإنسان بناء الرب، وصنعه من روحه الشريف، وملعون كل من حمل على صنعة الله معولا من معاول الهدم، وها نحن اليوم تفجعنا نقيصة تطعن في جسد الأمة بسهام الغدر، وتلهب أكباد هذا الشعب حسرات وآلاما لا ينقطعان".

إن القاضي الجليل كان يحاكم فكرا لا شخصا، وإن البحث وراء منطلقات ومرجعيات ومصادر المتورطين في أعمال إرهابية كان يجب أن يحدث من عدة سنوات، رحمة بالوطن وبالأمة كلها، لكن أن يأتي متأخرا أفضل من ألا يأتي أصلا.

 تحية للقاضي الجليل المستشار محمد السعيد الشربيني الذي استطاع أن ينضم لقائمة القضاة المبدعين الكبار من القدامى والمتأخرين، أمثال: العلامة السنهوري، والإمام المراغي، والشيخ كريم ياسين، ثم القاضي عبد الجواد ياسين، والقاضي أحمد فتحي مرسي، والقاضي حسن مهران، والقاضي الدكتور خالد القاضي، والقاضي محمد مرشدي بركات، والمستشار المبدع محمد صفاء عامر، والقاضي حسام العادلي، وغيرهم كثير.

إن موقف القاضي الجليل واستجوابه لهذا الفكر يذكرنا بموقف مماثل حدث عام 1921م يوم أن قام واعظ اسمه محمد الرمالي يدعو لأفكار هذه التيارات، ويتهم الأمة بالشرك والبدعية، فانتفض الأزهر وحقق معه شيخ الأزهر نفسه الإمام الجيزاوي، وباشر التحقيق العلامة الكبير الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي مصر، وانتهى القرار بعقابه.

[email protected]

 

تابع مواقعنا