الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

والصبح إذا عسعس.. قصة قصيرة لإبراهيم معوض

إبراهيم معوض
ثقافة
إبراهيم معوض
الإثنين 28/يونيو/2021 - 03:18 ص

الصبح فوق أجهزة الإنعاش يرفض أن يتنفس، إيقاع رتيب وليل طويل، البرد يقرس الأبدان بذبذبات متتالية، تحدث قشعريرة وإضطراب، الأيدى ترتعد برغم اختبائها فى الجيوب، السماء تبرق وترعد بشكل مستمر يبدو أنها تتأهب للبكاء، قذائف تهطل كعناقيد يوزعها الموت يمينًا ويسارًا، أدخل بخطى مسرعة احتمى بين الجدران وتحت السقف، ألقي بصري على جسده النائم بكامل هيبته لا ينقصه إلا الروح.

 

 وجه منطلق مبتسم وهدوء حد الثبات، شفاه تكاد أن تنطق تطالبنى بسرعة اللحاق، خشية أن يطيب لي المقام فى برك الوحل المتعفن، أطبع على جبينه قبلة سريعة، ألقى عليه نظرة وداع، ثم أقوم مسرعًا لإعداد المكان، يدخل شيخ المسجد فى جلباب أسود فضفاض، يخفى وجهه بلثام ورأسه بوشاح، ينظر إلى نظرة قلقه يطالبنى بالإسراع، يعطره ويغسل له أعضاء الوضوء فقط، يخرج الكفن من بين ثيابه التنكرية ثم يلبسه إياه، يبدل الملابس التنكريه بالعمامة والعباءة يصلى عليه صلاة سريعة التكبير وأنا أقف خلفه أردد، ثم ينطلق إلى ملابسه التنكرية خارجًا من الباب، وما هى إلا دقائق ويدخل قس الكنيسة يخفى ثيابه الكنسية تحت جلباب أبيض فضفاض، يبدل ملابسه، يتلو الصلوات أمام الجسد المسجى، وأنا أردد خلفه، يباركه ثم يفر خارجًا خلف صاحبه، أنطلق خلفهما يجمعنا الخوف من أن يرانا الناس، فذاك الخوف أشد من صوت الرصاص، وهنا تنفس الصبح بالكاد، اندفعت نحو المسجد يجمعنا الشيخ خلفه، يصلي بإطمئنان أشد، وما أن فرغ من صلاته، حتى قام أحد المصلين، يسأله عن ذلك الجسد الملقى بلا صلاة ولا دفن، فقال ادفنوه دفن الجيف، أما أنا فلن أصلى عليه.. ثم تلا قوله تعالى (وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِه) 
وما إن خرجت من الباب حتى سمعت صوت القس يقول:-

 (أَمَّا الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ فَاللهُ يَدِينُهُمْ فَاعْزِلُوا الْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ) 
فاسرعت خلف الناس كى أهيل عليه التراب.. 

 

تابع مواقعنا