الدول العربية في مواجهة الأزمات المائية.. وخبراء: ضرورة الالتفاف حول مصر لأنها الأكبر سياسيًا
شهد العالم العربي العديد من المشاكل المائية التي من شأنها أن تُهدد الأمن القومي العربي، من بينها: أزمة “نهري الفرات ودجلة في العراق”، مرورًا بأزمة شُح المياه في نهر الأردن وبحيرة طبرية، وصولًا إلى أزمة سد النهضة في كل من مصر والسودان، إذ توجهت القاهرة والخرطوم إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على قرار يضمن لدولتي المصب حقوقهما المائية، لذا حرص الكثير من قادة الدول العربية على التأكيد بأن الأمن المائي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي لكافة الدول العربية.
مع بداية فصل الصيف، شهد العراق أزمة انخفاض حاد في منسوب مياه دجلة والفرات، بعد أن بلغت مُستويات غير مسبوقة طيلة السنوات الماضية، وفي الأردن دائمًا ما ترفض إسرائيل تقديم المياه اللازمة له، وتحويل مياه نهر الأردن إلى صحراء النقب، في حين تواصل إثيوبيا تعنتها واستخدامها سياسة الأمر الواقع، للوصول إلى الملء الثاني لسد النهضة دون ضمان الحقوق المائية لكل من مصر والسودان.
الضغط سياسيًا واقتصاديًا للوصول إلى حل
الدكتور حسن الموني، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، قال إن المشاكل المائية تُمثل مشكلة مُلحة في العالم العربي بشكل عام، وفي الأردن بشكل خاص، بعد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، وتمكنه من تحويل جزء كبير من مياه نهر الأردن تجاه صحراء النقب، ورفض العمل بالاتفاقيات المُبرمة بينهم.
وأضاف الموني، في تصريحات لـ"القاهرة 24"، أن ما يحدث الآن للسيطرة على المياه العربية يُمثل دعوى للدول العربية للتكاتف لمُواجهة تلك الأزمة من خلال التوجه إلى المُنظمات الدولية والإقليمية للوصول إلى حلول، كما يجب تناول تلك الأزمات من خلال الضغط السياسي والاقتصادي إقليميًا ودوليًا للحصول على الحقوق المائية.
الحل في وحدة القرار السياسي
من جانبه صرح الدكتور عبد الكريم الوزان، المحلل السياسي العراقي والباحث في مركز أبابيل للدراسات الاستراتيجية، بأن حرب المياه التي تشنها دول الجوار على الدول العربية يجب التكاتف وتوحيد القرار لمُواجهتها، حيث بدأت الأزمة في العراق عندما أقدمت تركيا على بناء سد “لسيو” الذي قضى على الحقوق المائية العراقية والسورية.
وأوضح الوزان أن العديد من الدول تسعى إلى جعل المياه ورقة سياسية للسيطرة على الوطن العربي، وليّ أذرع الدولة التي تُمثل مصبًا لتلك الأنهار، وأنه لا توجد طريقة لمُواجهة تلك المشكلات المائية إلا من خلال وحدة القرار ووحدة التوجهات السياسية، بالالتفاف حول مصر باعتبارها الدولة العربية الأكبر سياسيًا، وتوفير الاحتياجات اللازمة لها للدفاع عن الحقوق المائية العربية في جميع المنظمات الدولية والإقليمية.
مطالبة الأمم المتحدة لضمان حقوق العرب المائية
في ذات السياق، أفاد الدكتور عباس شراقي، خبير موارد مائية، بأن الدول العربية تشهد أزمة مائية بسبب وجود منابع الأنهار خارج الدول العربية.
وأكد شراقي أن الدول العربية يمكنها الضغط للوصول إلى حلول من خلال مُناشدة الأمم المتحدة، وطلب جلسات بمجلس الأمن من خلال توحيد الصف العربي وتوحيد القرارات السياسية العربية، خاصة أن مشاكل المياه لم تعد تنمية فقط، إنما أصبحت مشكلات عسكرية، وقد تصل إلى شن الحروب في عدة دول عربية.
وأشار إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مُشاركته في القمة الثلاثية بالعراق، طالب بوجود كيان عربي قوي للدفاع عن الأمن المائي العربي، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
وأردف خبير الموارد المائية أن مشكلة المياه ليست قاصرة على العرب فقط، لذلك يجب على الأمم المتحدة التدخل لإيجاد وسيلة لحل الأزمات المائية التي تشهدها العديد من دول العالم، خاصة الدول العربية التي تشهد نصفها أزمات مياه من قبل دول منابع الأنهار.
استخدام الاقتصاد لحل المشكلات المائية العربية
من ناحية أخرى، قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مصر تستخدم سياسة النفس الطويل للتوصل إلى اتفاق في أزمة سد النهضة الإثيوبي، باستخدام الضغط الثنائي بالتعاون مع السودان على المستوى الإقليمي والدولي.
وفيما يتعلق بالمشكلات المائية العربي، أوضح بيومي، في تصريحات لـ"القاهرة 24"، أنه يمكن التوصل إلى حلول من خلال تقديم حلول اقتصادية، وذلك اتضح في مؤتمر وزراء الخارجية العربية في قطر من خلال تقديم عروض عربية اقتصادية لإثيوبيا لحل أزمة سد النهضة.
واستطرد أنه يتم الضغط للتوصل إلى حلول عربية من خلال المنظمات الدولية والإقليمية ومجلس الأمن، للحصول على قرارات تُقر قواعد القانون الدولي في استخدام الأنهار.
اقرأ أيضا..مساعٍ مصرية لإنقاذ العراق.. خبراء وسياسيون يوضحون فوائد القمة الثلاثية في بغداد