أدب الأطفال.. لماذا تراجع في الآونة الأخيرة؟
يُعد الأدب في عمومه فنٌ ذا تأثير مباشر على تشكيل وعي الناس، وفتح آفاق جديدة لهم، ويهتم بالروح وبالفكر سويًا، وتنوعت أشكال الأدب بين شعر ومسرح وقصة ورواية، وغيرها، ومن الأدب ما تم توجيهه لفئات معينة، كالأطفال فهناك كتب وسلاسل وكتاب معنيين فقط بالكتابة للناشئ، وهي من العمليات الخطيرة جدًا، أدب الأطفال هنا يشكل وعي الطفل، يعلمه، يعطي له جرعات من المبادئ السوية للإنسان، ويجعله يمرح في نفس الوقت ويستمتع، وتحدث الأديب الكبير تولستوي عندما سئل لماذا لا يكتب للأطفال؟ فقال: لم أصل إلى مستوى هذه العبقرية بعد.
عندما ظهر أدب الطفل في البداية حقق الانتشار السريع والشهرة الواسعة، إذ أنه لم يكن هناك بيت فيه أطفال إلا وفيه قصص مخصصة لهم، وكان العالم العربي يذخر بالكثير من رواد هذا الفن الذين أنتجوا أعمالًا خالدة فيه، ومنهم الأديب طارق البكري، والذي ترجمت أعماله للإنجليزية والفرنسية، والأستاذ كامل الكيلاني، الذي كتب نوادر جحا ومصباح علاء الدين وروبنسون كروز وغيرهم، والأستاذ أحمد محمود نجيب مؤلف الشاطر حسن، والأستاذة عفاف طبالة التي حصلت على جائزة الدولة لأدب الطفل، وجائزة الشيخ زايد، وكتبت الدكتورة سهير القلماوي أيضًا أحاديث جدتي، وأمير الشعراء أحمد شوقي قدم هو الآخر في هذا الفن لأهميته.
لكن أين أدب الطفل الآن في المشهد الثقافي؟ للأسف شهد أدب الأطفال تراجعًا ضخمًا من المشهد، لأسباب مختلفة كلها تجمعت مع بعضها لتسحبه من المشهد.
تقدم التكنولوجيا وظهور الأجهزة اللوحية
يعد من الأسباب الهامة بل في مقدمة الأسباب أصبحت الأجهزة اللوحية في يد معظم الأطفال، فهي تقدم له الكثير من الألعاب المسلية التي تُلهييه عن أي شيء، في حين ما تزال صناعة كتب الأطفال كما كانت تقدم من أول ظهور لها، باستثناء بعض المحاولات التي أتت على استحياء مثل صناعة رسوم تتحرك مع تقليب صفحات الكتاب وغيرها، لكن هذا غير كافي تمامًا لينافس الجهاز اللوحي.
أفكار مملة
أصبحت قصص الأطفال نمطية جدًا وتنحصر كلها في أسلوب الأمر والنهي الواضح، في غفلة واستسهال من معظم كتاب هذا الفن عن طريقة تفكير الطفل المعاصر، ذلك الطفل الذي يتصفح الإنترنت، يشاهد الأفلام السينمائية، قليل الصبر كثير التملل، فهل طفل في مثل هذا الوعي المبكر يفيد معه أسلوب أفعل كذا؟
تراجع الوعي
انشغلت معظم الأسر عن أهمية الأدب والقراءة في تكوين عقول أبنائهم، مما أدى إلى جهل الطفل بشيء يسمى كتاب وقصة، وأصبح الطفل يأخذ أفكاره من التلفاز أو الإنترنت، مما يساهم في تقليل فهمه لقيم المجتمع، وما يصلح لعمره وما لا يصلح، وغيرها من الأشياء التي تستقر في عقله.
مقترحات للحل
زيادة الدعم الرسمي لعملية إنتاج أدب الطفل، العمل على تطوير الشكل النهائي للكتاب وتطوير أفكار مثل الكتاب التفاعلي، تطوير المحتوى حتى يناسب طفل القرن الـ 21، زيادة القوافل والمكتبات المتنقلة في القرى والأحياء، استحداث مسابقات للأطفال للحث على القراءة، تكليف المدارس بتوعية الطلاب وجعل وقت مخصص للجلوس في المكتبة للاطلاع.