خبراء: الطفل الوحيد أكثر عرضة للسمنة والاكتئاب (خاص)
يبقى الطفل الوحيد معذبًا، حيث يفتقد لأبسط أنواع الرفاهية في أن يتحدث أو يلعب مع رفيقه، محاطًا بين أربعة جدران في الوقت الذي يؤثر عليه ذلك بشكر كبير، حسبما أشارت عدة دراسات.
في البداية تقول سمر: "منذ ولادة نجلي الوحيد لم أستطع رفض أي طلب له لأنه يستعطفني بحركاته البريئة، خصوصًا أنني أنجبته بعد عناء ومشوار طويل مع الأطباء وبالتدريج لاحظتُ أنه يعاني من ضيق التنفس والتعرق من أقل مجهود، فذهبت به إلى الطبيب واكتشفت أنه مصاب بالسمنة المفرطة؛ بسبب عاداته الغذائية الخاطئة في الطعام، ووجه الطبيب اللوم عليّ لأنني أهملت في صحته بسبب التدليل الزائد".
وتلتقط فريدة أطراف الحديث قائلة: "نجلتي لديها 3 سنوات وعند الذهاب إلى المولات التجارية تتشبث بكل الألعاب وعند الرفض تبدأ في الصراخ والبكاء وبالتالي أقوم بتلبية رغباتها، ولكن بعد بفترة اكتشفت أن سلوكها أصبح أنانيًا ترفض إعطاء ألعابها لأولاد شقيقتي وأصبحت عدوانية".
أكد الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بجامعة القاهرة، أن الطفل الوحيد يستغل وجوده بمفرده في المنزل ليتدلل من والديه وأقاربه، وغالبًا ما يؤدي التدليل الزائد إلى إفساد شخصيته وفي أغلب الأوقات يصبح الطفل أنانيًا.
قال فرويز، لـ"القاهرة 24"، إن شخصية الطفل الوحيد غالبًا ما يكون عدوانيًا أكثر من المعتاد معتقدًا أن جميع طلباته تُلبى دون نقاش، لذلك يقع على عاتق الوالدين ضرورة التربية الجيدة للتخلص من السلوك الأناني، وعدم الإفراط في التدليل الزائد؛ حتى لا تُفسد أخلاقه فضلًا عن اتخاذ موقف حازم عند الأخطاء.
وأشار فرويز إلى أن هناك اختلافًا بين التوحد والاعتزال أو الذاتية فالأول يظهر في الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل، ويستمر مدى الحياة، ويصيب الذكور أكثر من الإناث بمعدل 4 إلى 1، وهناك بعض العلامات التي تُشير إليه أهمها اللهو بمفرده وعدم احتكاكه بالآخرين وقلة الكلام خصوصًا في حالة وجود الأبوين خارج البلاد بعيدًا عن الأقارب.
وأضاف فرويز أن الشخصية تتأثر بثلاثة معايير أبرزها الوراثة من الأب والأم والخبرات والجينات؛ لذلك ينصح دائمًا بالاهتمام بالأبناء في الصغر لتكوين شخصية سوية صالحة في المجتمع.
وفي الإطار التالي أكد الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن ظاهرة الطفل الوحيد انتشرت في الآونة الأخيرة في المجتمعات العربية، وغالبًا ما يتسم الطفل الوحيد بمجموعة من السمات السلوكية التي غالبًا ما تتواجد فيه بصورة كبيرة فهو يصبح أكثر ارتباطًا بوالديه عن باقية الأطفال نتيجة الحماية الزائدة والرعاية المفرطة.
ويضيف هندي “في أحيانًا كثيرة يصبح الطفل الوحيد أنانيًا ونرجسيًا ودائمًا ما يعتاد على الحصول على كل شيء، وفي الصين يسمى هذا الشخص بمتلازمة الإمبراطور الصغير ويكون شخصية اعتمادية وينتابه الشعور بالندم والوحدة النفسية لعدم وجود أشقاء له”.
ويستطرد حديثه قائلًا: "غالبًا ما يكون الطفل الوحيد أقل قدرة على التسامح والتسامي وغالبًا ما يكون سريع الغضب لأنه لم يتعود على العطاء، فضلًا عن التمركز حول الذات والاختلاء بالنفس؛ لذلك دائمًا ما ينصح بالتفاعل مع الآخرين وممارسة النشاطات الاجتماعية".
وفقًا لتقرير الصادر عن "CDC" - مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها - تم أخذ عينات من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عامًا باستخدام عينات عشوائية متعددة، وتم استخدام آلات حاسبة متخصصة حاسبة ومؤشر كتلة الجسم كان معدل انتشار الوزن الزائد 85% بين الأطفال وانتشار السمنة بمعدل 95%، كانت الفتيات من المدارس الخاصة والمناطق الحضرية أكثر عرضة لزيادة الوزن والسمنة.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور كريم جمال، استشاري تغذية وعضو الجمعية المصرية للتغذية، أن الطفل الوحيد غالبًا ما يُعاني من السمنة بسبب سلوكيات الوالدين والعائلة وهي تعد مشكلة متأصلة لدينا وهي أن الطعام يحظى بمكانة كبيرة فدائمًا ما نلاحظ أن معظم المناسبات مرتبطة بالطعام.
وأضاف جمال، لـ"القاهرة 24"، أن الطعام يعد نوعًا من التعبير عن المشاعر والحب والكرم عند الدول العربية والشرق الأوسط، وفي حالة وجود طفل وحيد جاء بعد العديد من المحاولات، فيلجأ الأب والأم للتعبير عن مشاعرهما عن طريق إعطائه كميات كبيرة الطعام؛ ما يُضر الطفل ويصيبه بالأمراض فيما يعد.
ويشير جمال إلى أن هناك بعض القناعات المغلوطة عند الآباء أن الطعام الكثير والحجم الكبير للطفل يعني أن صحته جيدة وللأسف هذه الأفكار منتشرة في نطاق واسع وبالتحديد في مناطق القرى والمدن.
ويستطرد استشاري تغذية حديثه قائلًا إن والدة الطفل الوحيد تتعرض للضغوط من الأسرة للاهتمام بإطعامه كل فترة ويرددون "مش بتأكلي ابنك ليه؟" ويبدؤون باتهامها بالتقصير حتى إذا كانت لديها الوعي الصحي.
وغالبًا ما يكون الطفل الوحيد مدللًا بصورة كبيرة، وبالتالي لم ترفض له طلبات ويتم تقديم كل الأطعمة والمشروبات الخاطئة له وتشمل "الفاست فود" والسكريات والمياه الغازية والمقليات التي تؤثر على صحة الطفل وتصيبه بالسمنة والسكر والضغط ومعاناته عند البلوغ من ضيق التنفس.
ينصح جمال الآباء بضرورة وعي الآباء بأن السمنة مرض وليست صحة، وأن هناك بعض الخطوات التي يجب اتباعها أبرزها تقديم طعام صحي للأطفال والبعد عن السكريات والأملاح الدهون والنشويات وعدم اتباع أسلوب المنع والحرمان، فضلًا عن التجديد والتنويع في الطعام وتقديمه وعدم الثبات على وجبة واحدة فقط والاهتمام بطبق السلطة بكافة أشكاله وأنواعه وإشراك الطفل في اختيار وتحضير الطعام.
ومن جانبها أكدت الدكتورة عفاف حسين صبحي، أستاذ التغذية في كلية الاقتصاد جامعة حلوان، ضرورة البعد عن الدهون والسكريات في السنوات الأولى الطفل للتعود على تذوق نكهة الأكل الحقيقية بدون محليات.
وأضافت لـ"القاهرة 24" أنه يقع على عاتق الأمهات مسؤولية كبيرة وهي تقديم طعام صحي لأبنائهن الوحيد وعدم الاستجابة لجميع مطالبه لحمايته من السمنة خصوصًا أن الطفل الوحيد يستغل ذلك.
وأشارت أستاذ التغذية إلى ضرورة تقديم الوجبات للأطفال بالشكل اللائق لفتح شهيتهم مع الاهتمام بطبق السلطة لإمداد جسم الطفل بالفيتامينات اللازمة.
وشددت صبحي على ضرورة تناول الطفل 5 وجبات صحية متفرقة على مدار اليوم تتكون من المواد الكربوهيدراتية والبروتين والأملاح المعدنية، محذرة من الإفراط في وجبات الفاست فود والدهون.
ومن جانبها أكدت الدكتورة رشا سامي، استشاري النطق والتخاطب، أن ليس هناك شرط أن يكون الطفل الوحيد متأخرًا في الحديث بالعكس هناك بعض الأطفال لديهم أشقاء ولا يستطيعون التحدث وحتى الآن لا يوجد مستند علمي يثبت عكس ذلك.
وأضافت استشاري النطق لـ"القاهرة 24" أن هناك ما يسمى بالظروف البيئية لكل طفل وهناك بعض العلامات التي تؤكد أن الطفل يحتاج إلى طبيب تخاطب وهي عدم تواصله بصريًا مع من حوله بعد أن تم ستة أشهر، وعدم استطاعته تحديد مصدر الصوت الصادر من حوله ولا ينتبه إليه، فضلًا عن بلوغه العام الأول، ولا توجد لديه حصيلة من الكلمات التي ينطقها.
ونصحت سامي بضرورة اتباع بعض الخطوات مع الأطفال لتفادي مشكلة تأخر النطق منذ ولادتهم من خلال التحدث مع الطفل بصورة مستمرة من خلال التواصل البصري والحركي والتركيز في تفاصيل الطفل منذ ولادته ومحاولة لفت الانتباه من خلال تقليد الأصوات والغناء وتسمية الأشياء بأسمائها وتنمية مهاراتهم اللغوية عن طريق اللعب.