آبي أحمد الحائز على "نوبل للسلام" يشعل النيران حوله داخليًا وخارجيًا
أشعل آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، النيران حوله في كل مكان، داخليًا وخارجيًا، وقد ينال منها نصيبًا في أي وقت، ففي الوقت الذي يسعى فيه رجل إثيوبيا الحائز على جائزة نوبل للسلام، لتعطيش الدول الشقيقة بالقارة السمراء بإقامة سد يمنع عنها الماء، يشن أيضًا حربًا هوجاء على إقليم تيجراي الإثيوبي، إلا أنه حظي بخسائر فادحة وتراجع مهين.
سكان تيجراي
هم ثالث أكبر القوميات الإثنية في إثيوبيا بعد الأورومو والأمهرة، يقع إقليم تيجراي شمالي إثيوبيا، ويحده من الشمال دولة إريتريا ومن الغرب السودان، ومن الشرق ولاية عفر ومن الجنوب إقليم أمهرة.
يبلغ عدد سكان الإقليم أكثر من 7 ملايين نسمة، من أصل 117 مليون نسمة في البلاد، نحو 96% منهم من المسيحيين الأرثوذكس، والمسلمين يصل عددهم إلي 4%، يتحدثون اللغة التيجيرية، بجانب لغات أخرى.
مرت ثمانية أشهر على إرسال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قواته إلي إقليم تيجراي شمال البلاد في نوفمبر الماضي، في إطار حملة عسكرية شنها ضد تلك الإقليم.
جذور الحرب
لم يكن إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الحرب علي إقليم تيجراي مفاجأة تمامًا، فمنذ توليه إدارة البلاد في منتصف 2018، كانت كافة السيناريوهات تتجه نحو صراع بين الحكومة وجبهة الديمقراطية لشعوب إثيوبيا، الذي كان تدير البلاد لأكثر من 27 عامًا وانسحبت بعد ضغط من الشارع.
فقد مثلت اتفاقية السلام بين إريتريا ورئيس الوزراء الإثيوبي، في عام 2018، أحد أطراف اندلاع الحرب مع إقليم تيجراي، حيث اعتبر التيجراويون هذه المبادرة بأنها تهدف إلى إقصاء إقليم تيجراي من المشهد الإثيوبي.
وازداد الصراع عندما أقدم آبي أحمد، على حل الائتلاف الحاكم الذي كانت تقوده جبهة تيجراي، واستبداله "بحزب الازدهار" الذى يترأسه، حتى يستطيع السيطرة على الحكم، والقضاء علي تيجراي.
فهذا التغيير الشامل الذي فعله آبي أحمد، تحول إلى صراع مراكز القوى "جبهة تيجراي"، حيث انتهى هذا التغيير إلى طريق مسدود، وتحول إلى صدام بين الحكومة والجبهة، وهذا الصدام أسفر عن حرب شاملة استطاعت أن تشغل العالم وتتصدر عناوين الأخبار العالمية والمحلية، وسرعان ما اختفى مشروع سد النهضة ومتابعة مسار المفاوضات.
تكرار مشهد الانتصار لصالح إقليم تيجراي
حكم الامبراطور منجستو هيلا مريام، إثيوبيا في عام 1974م، وقد قاد انقلابًا دمويًا ضد الملك هيلاسيلاسي في عام 1974م، وبدأ في إبادة شعب إقليم تيجراي، وعانوا من مجاعة وحروب.
ولكن لا تستمر تلك الإبادة وقامت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، بعمل مسلح ضده، بقيادة ملس زيناوي، بالتعاون مع قوميات الأورومو وإريتريا.
وتولى الرئيس الراحل ملس زيناوي، حكم البلاد في عام 1991م، وشهدت الدولة طفرة اقتصادية وسياسية، مقابلها قمع للقوميات الأخرى والصحفيين والسياسيين والحقوقيين والزج بهم في السجون، حتى توفي عام 2012م.
وتولى الحكم مباشرة هيلي مريام ديساليين، وخلال فترته اندلعت موجة من الاضطرابات الشعبية في أنحاء البلاد، ولا سيما بين شباب الأورومو أكبر قومية بالبلاد، حتى ترك منصبه برغبة من جبهة إقليم تيجراي، وأتي آبي أحمد الرئيس الحالي لتهدئة الوضع القائم بالبلاد في تلك الفترة، لأن جذوره من الأورومو.
ومنذ تولي المنصب، وضع آبي أحمد أولوياته، وكان في مقدمتها القضاء على جبهة تحرير تيجراي، وبدأ بتطهير كافة المؤسسات من وجودهم، وإعادة تغييرات سياسية واقتصادية بدعوى الإصلاح والقضاء على تلك الجبهة التي تهدد وجوده، وذلك بالتعاون مع الأمهرة واريتريا العدوين الرئيسين لإقليم التيجراي.
لذلك حذر الدكتور دبراظيون قبري ميكائيل، حاكم إقليم تيجراي، رئيس الوزراء الإثيوبي، بعدم رغبتهم في اندلاع حرب ضد شعبه.
وقال قبري:" نحن نريد السلام والتنمية ولا وألف لا، وإذا فرضت علينا الحرب نحن أهلها وجاهزون للحرب، وسنجعل من التيجراي مقبرة للغزاة، ومستعدون لصناعة التاريخ مرة أخرى".
مسيرة الهزيمة
الجيش الإثيوبي خرج مهزومًا من الحرب، بينما خرج إقليم تيجراي "بالرقص والزغاريد"، وأمامهم مسيرة من الأسرى التابعين للجيش الإثيوبي استكمالًا لكشف هزيمة آبي أحمد أمام العالم، وهذا المشهد والأسرى من الجيش الإثيوبي الذي بلغ عددهم 6 آلاف جندي، يخرجون بشكل غير لائق.
السيناريوهات المتوقعة
لن يكون الانتصار الذي حققه إقليم تيجراي بتحرير مدينة "مقلي"، بسهولة، فصاحب جائزة نوبل للسلام، قام بقطع وصول المساعدات الإنسانية إلى الاقليم، بجانب فصل التيار الكهربائي، والاتصالات ومنع دخول الصحفيين، علاوة عن عدم وجود إنترنت ولا راديو ولا خدمات مصرفية ومواصلات عامة.
في مقابل ذلك تستمر قوات إقليم تيجراي، قتالها ضد ميليشات أمهرة والجيش الإثيوبي، حيث إن من ضمن خطواتهم القادمة استرداد كافة الأراضي التابعة لهم، والانتقام مع أعدائهم.