غلق أم تصفية.. كيف رد عمال التوحيد والنور على تدهور الأوضاع في السلسلة الأشهر؟ (معايشة)
لطالما كانت أحلام أحمد بسيطة، لكن على قدر بساطتها لا تكتمل للنهاية، حياته التي بدأت تتزين بمرتب خيالي في الإمارات انتهت بمأساة عدم التجديد من الكفيل، كل الآمال العريضة التي بناها لأبنائه الثلاثة الصغار ومن أجلهم سافر للخارج تبخرت ليعود إليهم محمل بالخذلان من جديد، ليتجه إلى التوحيد والنور السلسلة التي ارتضى العمل بها بمرتب لا يتجاوز 5 آلاف جنيه دون أن يفكر أنها لا تناسب مؤهله التعليمي بكالوريوس لغة عربية بكلية دار العلوم.. لكن انتهى الحلم من جديد.
حال أحمد كحال المئات غيره من العاملين في سلسلة محلات التوحيد والنور المملوكة لرجل الأعمال رجب السويركي، المقبوض عليه في قضايا إرهاب، بينما يتجه إلى تصفية السلسلة بالكامل تاركًا مصير هؤلاء للمجهول، وأسرهم دون تعويضات تذكر، ومن هنا اتجهنا للحديث معهم للتعرف على ما يعانوه في ظل التصفية.
يحصل أحمد، خريج كلية دار علوم قسم اللغة العربية منذ عام 2012، على راتب صافي نحو 5000 جنيه، مُشيرًا في حديثه مع "القاهرة 24" إلى أن جميع المرتبات الخاصة بأي عمل آخر لا تتجاوز 3000 جنيه، وفي نفس الجملة وبلسان صعيدي قال: "كنت مرتاح بس برضه الصعادية بيصمدوا في أي شغلانه".
"الشغل الخاص كدة".. جملة يقولها أحمد طوال الحديث معه وهو مقتنع بها اقتناعًا تامًا بالرغم من تضرره بسببها، حيث أكد أحمد أن المكان لن يوفر له عمل آخر، قائلًا: "المكان مش مطالب يجيبلك وظيفة تانية"، وفي النهاية اختتم بجملة "اتكتبلنا النهاية هنا يبقى خلاص دي أرزاق".
بداية القضية
في مطلع شمر ديسمبر الماضي، تم القبض على السويركي، صاحب سلسلة التوحيد والنور، بتهمة دعم وتمويل الإرهاب، ويخضع للتحقيقات مع آخرين ويجدد له الحبس بقرار قضائي، كان آخره الأحد الماضي بقرار من محكمة جنايات أمن الدولة العليا، وأصبحت ملكية السلسلة الشهيرة تؤول للجنة التحفظ على الأموال بعد القبض على السويركي واستمرار حبسه على ذمة التحقيقات في قضايا متعلقة بالانتماء لجماعة أسست على خلاف القانون والتحريض على العنف وتمويل الإرهاب بقصد تكدير السلم العام
ونتج عن ذلك لإغلاق جزئي لسلسلة “التوحيد والنور” المملوكة لسيد السويركي في عدد من الفروع داخل القاهرة الكبرى، ونقل العمالة إلى الفروع الأخرى، حيث تبلغ أفرع "التوحيد والنور" 70 فرعًا منتشرة في أغلب المناطق المهمة والشعبية في مصر، ويوجد المقر الرئيسي لها في باب اللوق لمراجعة كل الأوراق والفواتير.
السويركي حسب مصادر لـ"القاهرة 24" قرر التصفية بالتدريج عن طريق غلق الفروع التي تنتهي من بيع المنتجات التي بداخلها، ومن ثم الغلق الكامل للسلسلة التي عرفها الشعب المصري منذ سنوات طويلة كأهم سلسلة لبيع المنتجات الشعبية.
راضون رغم المصير المجهول
حمادة رجب، ذو الـ29 عامًا، تنقل بين فروع التوحيد والنور المختلفة بعد تصفية العديد منهم، عالمًا بأنه سيأتي عليه الوقت ويغادر مثل باقي زملائه، ومسترسلًا: "نزلت أدور على كذا شغل في أماكن تانية لقيت المرتبات مش مجزية، أنا اتعلمت تعليم عالي، ومينفعش أشتغل بمرتب 1200 جنيه"، على عكس ما يحصل عليه حاليًا نحو 3000 جنيه صافيًا.
يبحث حمادة حاليًا عن فرص العمل التي تناسبه والمتاحة له، قائلًا: "فرص العمل هتقل لو استنيت لحد ما نقفل خالص"، مُضيفًا في حديثه مع "القاهرة 24" أن كل فرع كان يعمل فيه ما يقرب من 6000 عامل، وحاليًا كل فرع لم يتخطَ 2000 عامل، موضحًا أن من يصدر خطأ يمشي فورًا، ومن يستمر لحين تصفية الفرع، ستوفر الإدارة له مبلغًا تعويضيًا نحو 1600 جنيه.
يعمل حمادة في التوحيد والنور منذ سنتين ونصف، من 11 صباحًا حتى 11 مساءً، رادفًا: "بنشتغل وبنجتهد عشان يصب في مصلحتنا"، ليستكمل الآخر بأن التوحيد والنور أفضل شغل خاص في مصر، ويتابعه زميله: "مشوفناش أي حاجة وحشة منهم وعشان كدة الناس موجودة ومستحملة حتى لو بنشتغل 18 ساعة".
"الرزق مش على التوحيد والنور بس ومهما حصل اللي ربنا كاتبه جميل وهيبارك فيه وكمان هيكفينا".. بلهجتهم الصعيدية وبعد حديث طويل وهم ينظرون لبعضهم، اتفق الجميع على أن نهاية التوحيد والنور هي بداية لطريق آخر يسخره الله لهم، قائلين: “إحنا مشكلتنا بس التغير المفاجئ، يعني ممكن يقولونا بكرة هنقفل، معندنش علم بأي حاجة”.