قصائد مصرية.. مقتطفات من "جوابات الأسطى حراجي" للأبنودي
جوابات الأسطى حراجي، هي ليست مجرد مراسلات بين الأسطى حراجي وزوجته، بل هي ملحمة مصرية، بطلها العامل المصري، والذي حمل على ساعديه حلم البلاد في مواكبة التقدم، وتحقيق القفزة الكبرى، ببناء السد العالي، سد مصر العظيم الذي أمر الرئيس عبد الناصر بإنشائه، جسد الشاعر عبد الرحمن الأبنودي الحلم والمعاناة والصعوبات، ورسم لنا مشاهد حية من داخل حقل العمل، فكنا حاضرين هناك نرى بعين الأبنودي كيف كان العمل في ذلك المشروع الهائل، ونرصد لك عزيزي القارئ بعضًا من تلك المراسلات والتي تعرف باسم "جوابات الأسطى حراجي العامل بالسد العالي".
"الجوهرة المصونة
والدره المكنونة
زوجتنا فاطنة أحمد عبد الغفار
يوصل ويسلم ليها
في منزلنا الكاين في جبلاية الفار"
"أما بعد
لذا كنت هاودت كسوفي ع التأخير
والله ما كنت حاخط بيدي حرف.
سامحيني يا فطنه في طول الغيبة عليكم
وأنا خجلان .. خجلان
وأقولك يا زوجتنا أنا خجلان منكم من هنا للصبح
شهرين دلوقت من يوم ما عنيكي يا فاطنه بلت شباك القطر
لسوعتي بدمعك ضهر يديَ
لحضتها قلت لك :
( قبل ما عوصل عتلاقي جوابي جي )
نهنهتي وقلتي لي بعتاب:
(النبي عارفاك كداب، نساي وعتنسى أول ما عتنزل في أسوان )
ما عرفت ساعتها يا مرتي أضحك ولا أبكي
ما عرفت ساعتها اذا كنت باعوز القطر يقف ولا يولي
حسيت بعنيكي الحيرانة يا فاطنة بتقولي وتسكت، وتقولي
حسيت واليد بتخطفها يد الجدعان
بالقلب ف جوفي ما عارف ان كان بردان ، دفيان
والبت عزيزه والواد عيد
قناديل في الجوف، زي ما بتضوي، بتقيد
والقطر اتحرك ..
وقليبي بيتنقل من يد لإيد
والقطر بيصرخ ويدَودِو
اتدلدلت بوسطي من الشباك
( خذي بالك م الولد ، راعي عزيزه وعيد! )
والقطر صرخ ورمح لكإنه داس على بصّة نار
ولقطت الحس قريب، قد ما كنتي بعيد :
(قلبي معاك يا حراجي هناك في أسوان )
ورميت نفسي وسط الجدعان وبكيت
وبلدنا اللي كنا بنمشيها ف نص نهار
كان القطر في لحضه فاتها بمشوار
سامحيني يا فطنه على التأخير
ولو الورقة يا بت الخال تكفي
لأعبي لك بحر النيل والله بكفيِ كلام
وختاماً ليس ختام، بابعت لك ِ
ليكي ولناس الجبلاية
ولبتي عزيزه والواد عيد، ألف سلام
ملحوظة: اكتبي ع لمظروف (أسوان، زوجي الغالي، لوسطى حراجي القط، العامل في السد العالي)
زوجك: الأوسطى حراجي"
"الرسالة الخامسة:
الجوهرة المصونة
والدرة المكنونة
زوجتنا فاطنة أحمد عبد الغفار
يوصل ويسلم ليها
في منزلنا الكاين في جبلاية الفار
أما بعد ..
مشتاق ليكي، شوق الأرض لبل الريق
شوق الزعلان للنسمة، لما الصدر يضيق
مشتاق
وإمبارح قاعد قدامي عِرق حديد، وف يدي الفحار
غابت عن عيني الحته اللي أنا فيها
وغابوا الأنفار
تحت الأنفاق، الضلمة يا فاطنه بتساعد على سحب الفكر
تلاقيكي ولا عارفه الأنفاق
ولقيت نفسي يا فاطنة طيره مهاجرة
والطيره جناحها محتار
ولقيت نفسي على بوابة جبلاية الفار
باخد الأحباب بالحضن
كانس كل دروب الجبلاية بديل توبي
طاوي كفوفي وباخبط بيهم على صدر الدار
قلتلي: مين؟
مسيت الدمعة ف حزنك بإيدي
مسيت الدمعة اللي في حزنك
ماعرف خدتك في حضاني
ولا إنتي خدتيني ف حضنك
وعزيزه وعيد حواليا بيشدوا الجلابيه
ويشموا ف غيبتي وفي إيديا
وقعدت بيناتكم وبكيت وضحكت
لما لمحت عصايتي وتوبي وفاسي ومداسي
يمكن ساعة!، وقف اللمهندس على راسي
ولمس كتفاتي بصابعه
قمت لفوق، طبطب على كتفي
وخدني من يدي بره النفقات في النور
ضيعنا نص نهار
وسألني، قلت: الشوق
قالي اسمع يا حراجي أقولك..
ويا فاطنة قعد يحكي ويتكلم
ألقُط كلمه وميّه تروح
وكلام م اللي يرد الروح
وحكى لي عن أسوان والسد
وحكى لي عن اللفرنج وعن حرب المينا..
في الجوابات الجاية يا فاطنه عاقولك واحكي لك
أما عن نفسي فأنا لا بخيل ولا شي
كيف اللي ف قلبي بس يا ناس أرويه في جواب؟
أما عن عيد، فأنا من بدري يا فاطنه قلت يروح الكُتاب
وأقل ما فيها عيفُك الخط ويحفظ له كام سوره
والأمر ده بس يا فاطنه يعوز شوره ؟
على خيرة الله .
ووصلنا فطيرك
قعمزت ما بين الرجالة وكلناه
يعني أنا دقته؟
والنبي بعنيا قعدت أتفرج ع الرجال بياكلوه
كنا طالعين م الشغل نشر عرق
بت يا فاطنه ..
النبي في الدنيا ما فيه واحده بتسوى فطير زيك
شفت ده في عنين الرجالة
سلاماتي لكل اللي يقولك شحوال حراجي
وسلامي لعزيزه وعيد
أمانه عليكي لحين ماجي
زوجك
لوسطى حراجي"