عمرو خالد: الزم التقوى في العشر لتفوز بثواب يوم عرفة
قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن مناسك الحج تقوم جميعها على التقوى، ولذلك فإن أي خطأ أخلاقي يضيع ثوابه وأجره، مصداقًا لقول الله تعالى: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ".
وفي ثاني حلقات برنامجه "منازل ومناسك" الذي يقدمه خلال العشر الأوائل من ذي الحجة عبر قناته على موقع "يوتيوب"،وصف خالد، التقوى بأنها أهم منزلة من منازل الروح، وهي أن تجعل اختياراتك في الحياة موافقة لمرضات الله، مشددًا على أن ذلك ليس بدافع الخوف، وإنما نابع من حب الله في الأساس، وذلك حين تتقي الله في كل شيء، قال تعالى: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"، "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"، "وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ".
الحج معسكر تدريبي
وحذر خالد من الأعمال التي تفسد على صاحبها أجر الحج، ومن ذلك الجدال، واصفًا الحج بأنه "معسكر تدريبي على التقوى، وذلك عندما تتحكم في نفسك وأنت تحت ضغط شديد، فلا بد أن تتقي الله، حتى مع ضغوط الحج والزحام وغيرها".
وبين أن هناك ثلاث آيات مرتبطة في الحج والعشر الأوائل، الأولى: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ"، لافتًا إلى أن شهور الحُرم هي: المحرم، ذو القعدة، ذو الحجة، محرم، ورجب.
وحث خالد على الامتثال لقول الله في الآية السابقة، قائلًا: "إياك أن تظلم نفسك أو تظلم زوجتك، أو تظلم الناس"، موضحًا أن هذا التحذير عام وليس قصرًا على الحجيج في أيام الحج فقط.
أما الآية الثانية التي تطرق إليها خالد في سياق حديثه، فهي: "وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ"، مبينًا أن "الفج العميق في اللغة هو الشق بين الجبلين مثلما كان الحجيج يأتون إلى الحج بالجمال بين دروب الصحراء والجبال، أما الآن فالجميع يستخدم الطائرات والسفن وغيرها من وسائل الانتقال الحديثة، ولكن الآية باقية إلى يوم القيامة، وكأن المعنى في هذه الأيام أن تخرج من فجك العميق الذي بداخلك، حيث كل إنسان لديه فج عميق في قلبه وهي نقطه ضعف، وكأن الآية الكريمة تقول: لكل إنسان لديك نقطة ضعف اخرج منها".
في حين أشار خالد إلى الآية الثالثة: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ"، لافتًا إلى أن "الرفت يعني الكلام البذيء، فإياك أن تفعل هذا ولا تخرج عن طاعة الله".
وأضاف خالد قائلًا: "إننا نريد تحويل التقوى من مجرد كلام إلى تطبيق على أرض الواقع، ونريد أن نطبق التقوى العملية، وليست التقوى النظرية، لأنه عندما ترى نماذج التقوى عملية تكون أقوى من ألف درس في الدين".
موقفان لهما علاقة بالتقوى
وقال المعتز ضيف الحلقة: "أهم موقفين حدثا معي لهما علاقه بمنزله التقوى، أحدهما انقطاع التيار الكهربائي يوم الخميس مساء رغم امتلاك مولد كهربائي، لكنه لم يعمل، والسمك يحتاج إلى أكسجين، فماتت 18000 سمكة، ولم أبع هذا السمك لخشيتي أن يضر الناس".
وعقب خالد على هذا الموقف بأن "الصحابة عندما كانوا يذهبون إلى الحج، كان ممنوعًا أن يصطادوا في هذه الأشهر الحرم، فكانت الطيور تأتي لتقف على سن الرمح الخاص بهم كأنها تغريهم لصيدها، ولكن منع الصيد كان العامل الذي يمنعهم".
وأردف المعتز: "الموقف الثاني مع التقوى عندما أتاني أحد التجار لاستئجار مساحة كبيرة، على أن نقوم بالزراعة على مراحل، وبشكل منتظم على فترة زمنية، لكن عندما انتهينا رفض التاجر الاستلام، وقال: لا أستطيع بسبب عجزي المالي، انتظرته حتى يستطيع، لكن إذا رفض الاستلام فنتيجة لذلك ستصاب بعض النباتات، وكان يمكن أن نقوم برش مبيدات للتغلب على الفطريات وبيع المحصول، ولكن هدفي الأساسي كان الزراعة النظيفة، فأبدت كافة المحصول وخسرت إنتاج شهرين مقابل الحفاظ على استمرار الزراعة النظيفة".
وعقب خالد على ذلك بقوله، إن تفسيرها في قول الله تعالى: "وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ"، وكان الله امتحن تقواك، وتعرضك لخطر الخسارة، لكي تتعلم من جديد ألا تخطئ نفس الخطأ مرة أخرى، وبالتجربة الخطأ ازددت علمًا".
وختم خالد بالحث على استغلال هذه الأيام المباركات، حتى تتحصل فيها على الأجر وتكون من الفائزين، قائلًا: "انتظار الجائزة من الله هو شعور جميل، وجائزه يوم عرفة هو أن يعتقك الله من النيران، وعملك في هذه الايام يؤهلك لهذه الجائزة، حتى تصل إلى يوم عرفة وأنت تتقي الله فتحصل على الجائزة، وأنت تسير على مراد الله وليس على مرادك أنت ".
واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به"، مبينًا أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو التقوى والتي تعد أكثر صفة ذكرت في القران الكريم حيث ذكرت 285 مرة".
وقال خالد إن "التقوى هي أول صفة وردت في القرآن الكريم في سورة البقرة "هدى للمتقين"، والجنة أعدت للمتقين، وفي رمضان لعلكم تتقون"، مشددًا على أن "التقوى هي أصل الدين، وأصل الأمور كلها، ولن تصل إلى الله إلا بالتقوى، ومن العجيب أن تطلب من الله أن يستجيب لدعائك، ولكنك ترفض أن تتقيه".
ومضى ناصحًا: "اتقوا الله بحب وليس خوف، واخلع نظارة الخوف التي تذهب بها إلى الله، ولكن إن ذهبت إلى الله بالحب فلا يمكن أن يخرج من قلبك، اتق الله بحب وليس خوفًا، بل حياء من الله".
لمشاهدة الحلقة:
https://www.youtube.com/watch?v=X0qqO3T8KUA