جائزة دبي الذهبية
دبي قادرة دائما على إبهاري؛ ليس لنسقها المعماري الفريد أو أسلوب حياتها العصري الذي يحاكي الغرب، ولكن لثراء أفكارها التي حولت صحراءها القاحلة، وطقسها الحار إلى حياة جاذبة للنماء.
منحت الإقامة الذهبية لأفضل 100 ألف مبرمج في العالم مؤخرًا، وقررت دعم مشاريعهم المبتكرة، في هذا التخصص الأهم في العالم بالوقت الراهن، وتأسيس شركات رقمية تعزز تنافسية اقتصادها عالميًّا.
القرار هو الأحدث في سلسلة المبادرات التي أطلقتها منذ سنوات، لتشجيع الإبداع على أراضيها، وأصبح يحمل بصمتها، وهو ما يجعلها بؤرة اهتمام ليس المنطقة فحسب، بل العالم أيضا، مثل جائزة الصحافة العربية، والجائزة العالمية للقرآن الكريم.
لم تستسلم دبي لفقر مواردها، ولم تتوقف عن البحث عن البدائل التي تكافح بها لتجعل لها موطئ قدم على الساحة العالمية، وأنشأت قلعة اقتصادية مهمة في جبل علي تحول مع الوقت لمركز جذبٍ للشركات العالمية الشهيرة وسحب البساط من تحت دول صاحبة تاريخ عريق في المنطقة.
الإمارات وللمفارقة تعاني من ارتفاع معدل العمالة الوافدة، وهي طبقا للإحصائيات تمثل أكثر من 6 ملايين نسمة على أراضيها، بينما عدد المواطنين أقل من 3 ملايين، وتنظم مؤتمرًا سنويًا تناقش فيه إفرازات هذه المشكلة التي تهدد هويتها العربية، بعد أن ذاب شعبها في ثقافات عشرات الجنسيات التي تعيش على أرضها، من الهنود والباكستانيين، والبنغال، والفلبينيين، ، حتى أن لغةً هجينا _ إذا جاز التعبير _ تسود الشوارع والمصالح الحكومية والخاصة، تجمع بين العربية والأردية والإنجليزية، اختفت معها لغة البلد وثقافته الأساسية.
لا تتفرد دبي بذلك إذ تتسابق دول العالم _ خاصة المتقدم _ لتشجيع هجرة العقول المتميزة، للاستفادة من خبراتها في حل أزماتها.
حدث ذلك في مراحل تاريخية مهمة، أبرزها وقت انهيار الاتحاد السوڤيتي في التسعينيات، إذ انهالت الدعوات على علمائه، من الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل، مع إغرائهم بالمال والإقامة، مستغلين تدني مستوى المعيشة والأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي عاشوها، وفتحت لهم مراكزها العلمية للاستفادة بخبراتهم.
لا تتوقف دول العالم النابهة عن توطين العمالة الماهرة وإغرائها بكل السبل لتحسين منتجها الحضاري والإنساني.