"مافيا المخدرات".. "القاهرة 24" يخوض مغامرة البحث عن تجار الكيتامين (تحقيق)
شعر بالعجز لبضعة دقائق، خارت قواه بالكامل، لم يمتلك حتى القدرة على أن يظل ممسكًا بـ "جوب" الحشيش بين أصابعه، سقط على الأرض أسرع من سيجارته بعد فترة ليست بالقليلة من مقاومة الهذيان ثم غاب عن الواقع، هكذا شرح "م.أ" حالته بعدما فاق من تأثير المخدر على جسده، لم يستطع تحديد ما إذا كان قد مرّ الكثير من الوقت على ما شعر به أم هي بضع دقائق لا أكثر، وبعدها قرر "م.أ" أنه لن يعيد تجربته مع "الكيتامين" مرة أخرى مهما كلفه الأمر.
أحد تجار الكيتامين بجروب للحشيش: "الفيال 10 ملي بـ450"
خلال أسبوع خاضت محررة "القاهرة 24" رحلة البحث في دهاليز "فيس بوك" عن تجار المخدرات، ومن هنا توصلنا لوجود شبكة "مافيا" تروِّج أعمالها مستعينة بـ"جروبات الفيس"، وفي محاولة منا للتواصل مع أحد تجار الكيتامين نشرنا بوست على إحدى هذه الجروبات، ولم ننتظر الكثير حتى توالت علينا التعليقات من قبل "تجار" الكيتامين أو من الأشخاص الذين خاضوا بتجربته ويحاولون منعنا من خوض التجربة.
تواصلنا مع أحد الأشخاص واتضح فيما بعد أنه مسئول عن إسطبل للخيول، وفي محاولة منه على جعل كلامه موثوق قال: "بيجيلي مستورد من برّا عشان أنا شغال في الخيل والحاجة دي بتيجي من برا لصاحب الإسطبل"، ومن هنا يبيعها فلا داعي للخوف.
وفي محاولة لاستدراجه في الحديث لمعرفة كيفية استخدامه، قال إنه يوضع على الحشيش وإذا قمنا بتسخينه سنحصل على بودر أشبه بـ "الكوكايين"، وأنهينا معه الحوار على أننا سنجمع المبلغ اللازم الذي وصل لـ2250 مقابل 5 أمبولات، ثم سنعود للتواصل معه وفي اليوم التالي وجدنا رسائل منه يقول فيها:
"ايه يا نجم ؟ ايه الدنيا؟ " وعندما لم يجد منا أي رد اختتم كلامه بـ"شكرا على تقديرك".
سماسرة المهنة.. جروب خاص بالدكاترة لبيع الأدوية الممنوعة
لم تكن المفاجأة الوحيدة هي وجود "جروبات" لبيع الحشيش، فقد اكتشفنا خلال رحلة بحثنا وجود "جروبات" أخرى كل أعضائها دكاترة وصيادلة ومندوبين أدوية، فلم يعد الأمر متوقف الآن على "تجار المخدرات" الذين لا يأبهون إلا بجني الأموال على حساب حياة الآخرين، بل وصل الأمر لأصحاب المهن الشريفة، وفي محاولة منا للتواصل مع أحد المندوبين قمنا بأخذ جولة في أحدى هذه الجروبات، فوجدنا العديد من "البوستات" تطالب بتوفير أدوية معينة أغلبها تدخل تحت تصنيف "أدوية جدول" مثل الكالميبالم، الزولام، فالينيل وغيرهم.
وحاز الكيتامين على اهتمام لا بأس به في الجروب ومن خلال أحد المنشورات التي قمنا بكتابتها، تواصل معنا أحد السماسرة الذي بدأ بإرسال صورة للمخدر قائلًا:
لدي نوعان الهندي والباكستاني،"رقمي اهو اتصلي عليا عشان افهمك" وبعد التواصل معه اتضح أنه مندوب بأحد مكاتب الأدوية، وهو الأمر الذي يوفر له أي كمية في أي وقت دون رقابة أو سؤال، "محدش بيسأل بوديهم فين يكش أرميهم في الشارع، هما ليهم فلوسهم مش أكتر".
وأوضح أنها لا تعتبر المرة الأولى التي يقوم ببيع المنتج فيها لأنه يعمل منذ 3 سنوات في هذا المجال، ثم بدأنا بالاتفاق على كيفية استلام الكمية المطلوبة، ورشح أن يتم عن طريق إحدى شركات الشحن، فهو يتعامل مع شركة شحن معينة لا تعلم بالطبع ما الذي بداخل الطرد، يقوم في بعض الأحيان بتقسيم العدد إذا كان المبلغ كبير حتى لا يثير الشكوك، كما عرض علينا العديد من أسماء "أدوية الجدول" الأخرى التي يستطيع توفيرها.
"أنا راجل بتاع أدوية".. صيدلي يعقد اتفاق على توريد خلطات مخدرة
استمر الأمر على هذا المنوال حتى وصلنا لدكتور يعمل في أحدى الصيدليات، لم يمانع عقد اتفاقية معنا بتوريد أي كمية لخلطها بالحشيش مقابل توفير نسبة له من مبلغ البيع، وعند سؤاله عن استطاعته بتوفير أي كمية في أي وقت قال: "أنا راجل بتاع أدوية شوف اللي أنت عاوزه وأنا تحت أمرك"، وأكمل حديثه بأنه لا يملك الآن سوى 5 فيال يبلغ سعر الواحد 200 جنيه، واختتم كلامه: "لو عايز الـ5 موجودين، مش عار ف بكرا فيه ايه".
صيدلي بالإسكندرية: "هوصلك لحد في مدينة نصر هتوفرلك اللي عايزاه"
ولم يكن "أ.أ" هو الوحيد فمن ضمن الأشخاص الذين تواصلنا معهم كان هناك ممرض بإحدى المستشفيات الحكومية، قال أنه حصل على عدد من عبوات الكيتامين كـ "تخليص حق"، ولكنه عرض علينا المساعدة بتوصيلنا لأحد أصدقاءه الذي يعمل في هذا المجال أيضا باعتباره صيدلي، ولكنه سأل في النهاية عن سبب طلب الكيتامين وعند إخباره أنه للحشيش لم يمانع.
ومن هنا خضنا تجربة الحديث مع صديقه الذي بدأ بعرض الأنواع المتوفرة لديه، قائلًا: “الهندي على 300 والألماني على 500 والفرق بينهم وجود المادة الأمريكية بتركيز أكبر في الألماني”، موضحًا أنه يستطيع توفير أي عدد في أي وقت، لأنه يحصل عليه من غرف العمليات عن طريق أصدقائه الدكاترة.
الكيتامين مركب كيميائي بين المستورد والمهرب.. معلومات قد تعرفها للمرة الأولى عنها
الكيتامين هو مركب كيميائي اسمه التجاري "كيتالار" وهو دواء يستخدم بشكل عام في التخدير البيطري للكلاب والقطط والأحصنة، ويعتبر مكون مهم أيضا في غرف عمليات الأطفال والجراحات الميدانية، يسبب حالة تشبه النشوة مع تخفيف الألم، والتهدئة، وفقدان الذاكرة المؤقت، وهو ما جعله يغري المدمنين للبدء في تعاطيه، ومن هنا انتقل ليصبح من أحد الأدوية التي دخلت "جدول الممنوعات"، لا يتم توافر هذا المركب بسهولة فبعضه يأتي تهريب من الخارج والبعض الآخر يكون مستورد للمستشفيات الحكومية فقط، وعلى الرغم من هذا لم يسلم من يد "سماسرة الأدوية" سواء المندوبين في شركات الأدوية أوالأطباء في المستشفيات، دون السؤال عن سبب طلبه أو كيف سيتم استخدامه وهذا ما يعتبر شيء منافي للقيم والأخلاق المهنية.
التهديد يصل لإحدى الطبيبات.. طبيبة بيطرية: البعض يستغل إصابة الحيوانات للحصول على الكيتامين
باعتبارها طبيبة بيطرية روت "سمر عبد الرحمن" لـ "القاهرة 24"، أنه في أحد المرات حاول متعاطي استدراجها للحصول على الكيتامين، حيث استقبلت في أحد الأيام حالة "لقطة" ادعى صاحبها تعرضها للإصابة، على يد أولاده صديقه نتيجة لمحاولة "شنقها" بحبل غسيل، وعند معاينتها للإصابة وجددت أن الإصابة تميل لكونها متعمدة عن طريق استخدام ألة حادة، فلا أثر لأي بقايا للحبل على فروها ولكنها لم تهتم.
وبعد مرور ساعتين في محاولة فاشلة لتخدير القطة، وبعد أكثر من محاولة لتخدير القط لم يستجب، لتكتشف أن صاحب القط أعطاه شيء يلاشي مفعول المخدر، لتسأله عن الأمر، لتتواصل مع أحد أصدقاءها لطلب "الكيتامين" كحل نهائي، ومن هنا بدأ صاحب القطة بطرح كافة الخدمات للذهاب هو لأخذ المركب منه، ولكنها أجلت الأمر لليوم التالي بسبب تأخير الوقت، وفي اليوم التالي تلقت منه مكالمة لم تتوقعها، متابعة: "لقيته بيشتمني وبيزعق وبيقولي انتي دكتورة فاشلة ازاي معرفتيش تخدري القطة وازاي معندكيش كيتامين أصلا"، ومن هنا بدأت الصورة تتضح في بحثه عن الكيتامين.
