"شوف بقينا فين"
•من أجمل ما كُتب بقلم "ديت كورونا" قصة بسيطة من روائع الأدب الأمريكي المستوحاة من قصة تراثية حقيقية عن "ماري" الست المتجوزة اللي قبل ما تخلف مباشرة جوزها مات.. خلفت ابنها وكانت بتحبه جدًا وأساسًا خلفته بعد سنين كتير من الانتظار هي وجوزها، ولما جوزها مات بالتالي حرفيًا مبقاش ليها حد غير الطفل ده في الدنيا.. جزء من صعوبة الموضوع كمان فكرة إنها خلفته بعد ما كانت دخلت في السن اللي تقريبًا بيستحيل معاه الإنجاب لـ الست فمجرد إنجاب الطفل ده كانت معجزة في حد ذاتها ومش هتتكرر حتى لو هي قررت تتجوز تاني.. لحد هنا تقدر تفهم سبب تدليعها للولد ده وحبها ليه كان شكلهم عاملين إزاي.. الولد لما وصل عمره لـ 5 سنين وبسبب إصابته فجأة بـ الحمى درجة حرارته ارتفعت وحالته ساءت يوم عن يوم ومات!.. للأسف لما هي كانت عايشة لوحدها جُم ناس من الأهل والجيران ومعاهم رجل الدين اللي في المنطقة عشان ياخدوا الولد يدفنوه ويساعدوها بعد المصيبة دي!.. الغريب إن الست اللي بقت حالة أعصابها تصعب على أي حد مش الكافر بس؛ تمسكت بـ جثمان ابنها وصممت إنه يفضل معاها!.. بس كده؟.. لأ.. حالة عصبية وعنف في التعامل مع أي حد يحاول يخرّجها برة الأوضة اللي هو فيها أو يغطي وشه أو حتى يواسيها.. يقولولها: ده مات مات.. تزيد حالة الهياج العصبي اللي هي فيها وتصرخ فيهم وتضربهم وتصمم إنه حتى لو مات محدش فيهم هياخده ولا يدفنه!.. بالطول وبالعرض ويمين شمال مفيش فايدة.. موقف صعب وغريب وفضل بنفس غرابته لحد ما رجل الدين اللي في المكان قال لهم خلاص سيبوه معاها.. هنسيبه إزاي بس؟.. هنسيب معاها جثة؟.. هل ده يُعقل؟.. تحت إصراره وتصميمها حصل ده.. فضلت مع جثة ابنها حطاها جنبها على السرير لمدة 5 أيام وكل يوم تجيب له الأكل وتحطه جنبه كإنه عايش بالظبط!.. تتكلم معاه.. تغيرله هدومه!.. للجثة؟!.. أيوا بالظبط للجثة.. هي نفسها كمان عشان تخرّج نفسها من حالتها بدأت تهتم بنفسها كالعادة بتاعتها قبل وفاته وتلبس ملابس ملونة وتحط مايكب وتخرج تروح السوق وترجع تاني وتزور جيرانها وتتكلم بمنتهى العقل معاهم.. مع الوقت الناس بقى عندهم يقين إن الست اتجننت، وكانوا بيتعاملوا معاها على الأساس ده.. بيجاروها في الكلام والضحك بس بينهم وبين نفسهم متأكدين إنها مش طبيعية.. يوم عن يوم ريحة الجثة بدأت تطلع!.. بدأت تطلع بشكل مزعج حتى ليها هي نفسها.. ترش عطر في البيت كله برضه الريحة مستمرة.. تفتح شبابيك البيت برضه الوضع زي ما هو.. ملامح وشه بقت جامدة وملمس جلده ناشف وأطرافه بدأت تبقى أرفع ولونه نفسه اتغير.. المكابرة والعنِد بتوعها اتشرخوا واحدة واحدة وبدأ صوت العقل يظهر.. في اليوم السادس ولما الوضع بقى فعلًا لا يطاق هي اللي من نفسها شالته وخرجت بيه للناس في الشارع تصرخ فيهم وتطلب منهم ياخدوا جثة الولد عشان يدفنوها عشان خلاص مابقتش طايقة الوضع!.
• طبيب الأسنان اللبناني "سامي اللمع" كان بيحب السيدة "ميرنا ميشال" حب أفلاطوني من بتاع القصص والروايات.. كل اللي يتابع بداية قصتهم كان بيتمنى إن الحدوتة تنتهي بالنهاية السعيدة اللي بتعوض كل واحد من اللي بيتابعها عن قصة حب فاشلة قديمة مر بيها.. الناس كانوا بيشوفوا في "سامي"، و"ميرنا" أمل إن فيه قصص ممكن تبتدي وتنتهي بالنهاية المرجوة.. حبهم استمر 5 سنين، وكانوا محور حديث أهالي منطقة ريفون شارع المنطرة في لبنان.. "سامي" كان مثال حي لرشاقة الشباب اللبناني اللي بتشوفهم في الكليبات.. الجسم رياضي.. وسيم.. مهتم بمظهره فوق الوصف.. الحقيقة إنه كان أقرب لـ موديل منه لـ طبيب أسنان يعني!.. بسبب ظروف نفسية خاصة حصلت لأسرته بدأ يهمل للأسف في النقطة دي.. وزنه زاد.. بدأت مشاكل من نوع مختلف تبدأ بينه وبين "ميرنا" ماكانتش معتادة بينهم قبل كده!.. كانت بتتريق وتتهكم على وزنه قدام أصدقائهم.. هو استحمل ده مرة واتنين وتلاتة لحد ما لقى إنه بيبقى النكتة بتاعت كل خروجة.. طلب منها بينه وبينها إنها ماتحرجوش أكتر من كده.. كملت في اللي بتعمله.. زودت في البواخة أكتر لما طلبت منه بشكل فج إن ميعاد فرحنا مش هيبقى كمان شهرين زى ما كنا متفقين.. إزاي يا "ميرنا" دا أنا حجزت القاعة وعزمنا الناس!.. لأ مفيش جواز قبل ما تخس.. "سامي" ماكنش عنده أزمة في تغيير وضعه ما هو كده كده أكيد مش هيكون مبسوط بيه وكان بيحاول فعلًا وبيتابع مع دكتور للغرض ده بس الموضوع ولإنه له أبعاد نفسية مش هيحصل بين يوم وليلة أكيد!.. وبعدين هو فيه حد بيخس في شهرين بس!.. وبعدين أكتر إيه الطريقة اللي بتكلميني بيها دي!.. ليه كلامك كله في صيغة أوامر وبيتقال بعصبية وقلة ذوق.. مع الوقت اتحول الحب شوية بشوية لـ كره وبدأ "سامى" يفضفض لصديقه المقرب "أنطون" إنه هو نفسه مش عارف إزاي الحب المتين اللي كان جواه بدأ يتسرسب من جواه ناحيتها!.. كانت إجابة "أنطون" الحاسمة إن تصرفات "ميرنا" هي السبب.. غيرنا بتصرفاتهم هما اللي بيحببونا فيهم أو بيغيروا مقاماتهم في عيوننا.. استمر الوضع على ما هو عليه لحد ما فوجئ "سامي" في مرة بمكالمة منها بتقول له فيها بشكل قاطع وحاسم إنها مش مكملة في العلاقة دي ومش عايزة تكمل.. "سامي" دون ما يحس بنفسه وهو في كامل قواه العقلية راح لـ بيت "ميرنا" خبط الباب.. فتحت.. دخل.. طلّع من جيبه مسدس.. ضربها 4 طلقات في جسمها، والطلقة الخامسة في راسه هو!.. ماتوا!.. فضلت القصة دي ورغم إنها حصلت من 7 سنين محط استغراب ناس كتير في لبنان إن إزاي كمية الحب الكبيرة دي تتحول لنهاية ماسأوية بالشكل ده، وفضل السؤال دون إجابة.
•"رامز متى" جار قديم بيشتغل ممرض في مستشفى حكومي مشهورة جدًّا في إسكندرية.. بيحكي إن كان ليه جار في نفس سنه وكان بيحبه جدًّا وبيعتبره زي أخوه.. لما "رامز" خطب؛ صديقه بدأ يحس بغيرة من بُعد "رامز" التدريجي عنه!.. هو الطبيعي بتاع أي حد لما يرتبط أو يخطب أو يتجوز إن جزء من وقته لازم يروح لشريك حياته المستقبلي بالتالي مابتقدرش تفهم نوعية العقليات اللي بتتعامل مع الموضوع من منطلق "لأ إزاي صاحبي يبعد عن دايرتنا ومايخرجش معانا، ويشاركنا فيه واحدة دخلت حياته جديد!".. "رامز" كان بيتعامل مع الموضوع ببساطة لإن أكيد تصنيف الصديق غير تصنيف الحبيبة.. أكيد هنفضل نتقابل بس فيه جزء من وقتي لازم يكون لخطيبتي.. بس صاحبه مابصش للموضوع من الزاوية دي.. فضل أسبوع ورا التاني وشهر ورا شهر يخطط إزاي يفشكل الخطوبة بتاعتهم!.. شر مُطلق مالوش سبب غير الحقد الخالص!.. كذب وافتراء وتأليف حوارات على البنت وزنّ على دماغ "رامز" ودلائل كلها مش صح لحد ما حصل الانفصال.. بس ولإن مفيش أذى بيفضل متداري؛ كل اللي عمله صاحب "رامز" اتكشف.. بس للأسف بعد فوات الأوان لإن البنت مارضتش ترجع تاني.. "رامز" بيقول إن إنه وصل لمرحلة إنه كره صاحبه وكان عايز يقتله بجد وكان بيدعى عليه كل أسبوع في الكنيسة.. بعدها بنحو سنة وفي يوم لما رجع من الشغل بالليل لقى عربية إسعاف خارجة من شارعهم في منطقة العوايد.. طلع بيتهم قالوله إن ده صاحبه فلان الفلاني جاتله أزمة وغيبوبة سكر وجُم نقلوه لنفس المستشفى بتاعت "رامز".. بيقول أول رد فعل ليه قعد يقول (أحسن، يغور في داهية، ياكش يولع بجاز).. بس بعدها بـ خمس دقايق ما حسش بنفسه غير وهو بيلبس هدومه تاني وماحسش برجليه إلا وهو واقف في قلب المستشفى مع باقي زمايله عشان يتابع حالته مع الدكاترة وماقدرش يروح إلا بعد ما اطمن عليه وإنه فاق وبقى كويس.. بيقول "رامز": (دي مش مثالية، ده أصل.. هعمل إيه بس ده عيش وملح برضه وأنا كنت بحبه والله بس هو اللي شال محبته من قلبي بإيده لكن مش هيعرف يشيل أصلي).
• وهو مين فينا مقامات الناس ماتغيرتش في عيونه مرتين عكس بعض!.. لما الواحد بيفتكر ناس كانوا بالنسباله إيه إمبارح وييجي يبص النهاردة عليهم بيلاقيهم موجودين في خانة حياته الصفرية والدنيا ماشية بدونهم عادي جدًّا.. اللي كان عزيز إمبارح بقى النهاردة بعيد واللي كان مش بيتطاق إمبارح بقى النهاردة أنتيم!.. في كل الحالات بتبقى مرْضِي وبتقدر تتكيف مع قرارك حتى لو كان صعب في أوله.. إحنا مش مجانين ولا قلّابين ولا كل يوم بحال الفكرة بس إن هي القلوب دي في الأساس بإيد مين؟.. ربنا.. هو اللي حط الغلاوة، وهو اللي بيشيلها.. هو اللي بيعمل ده من خلال أفعال اللي قدامك.. غيرنا بتصرفاتهم هما اللي بيحببونا فيهم أو بيغيروا مقاماتهم في عيوننا.. حتى لما في لحظة بيكون تمسكك بالطرف التاني تمسك فيه ضرر ليك وإنت مش واخد بالك أو رافض ومش عايز تقتنع؛ بيتدخل ربنا عشان يلفت نظرك للمساوئ عشان تفوق.. بيحط في طريقك مليون إشارة وإشارة يخلوك تصحى، وتفهم إن التكملة في السكة دي فيها هلاكك.. مادام "التقصير" ماكنش طرف في معادلة علاقتك بـ فلان يبقى ماتستغربش بُعده أو تغير مكانته عندك، وحتى لو الدنيا شالت وحطت كل واحد فيكم في مكان تاني عكس اللي كان فيه قبل كده في قلبك خليك متأكد إن ده هو الأفضل ليك إنت في المقام الأول.. وهي دي الأهم.