في ذكرى استشهاده.. عثمان ابن عفان أفقه المسلمين وذو النورين
تَمُر في تلك الأيام ذكرى استشهاد "ذو النورين" ثالث الخلفاء الراشدين "عثمان بن عفان" رضي الله عنه المتوفي في 17 يوليو 656، فمن هو عثمان بن عفان ولماذا سمي بذي النورين؟.
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب، إلى آخر النسب الذي يتلاقى فيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، نشأ في أسرة أموية، كان أبوه تاجرًا كبيرًا، له قوافله المرتحلة للتجارة إلى الشام، وعندما مات وعثمان في شبابه ترك له ثروة هائلة، وعن شكله فكان رضي الله عنه لا بالقصير ولا الطويل، حسن الوجه، مشرف الأنف، على وجناته نكتات من آثار الجدري، رقيق البشرة، أسمر اللون، كثير الشعر، طويل اللحية، نحيف الجسد لكن ليس بالهزيل، وكان حلو الخلق، عذب اللسان، محبوب من سائر الناس، وكانت النساء تضرب به المثل في حب أطفالهم ويقولون "أحبك والرحمن.. حب قريشٍ لعثمان".
أسلم عثمان بن عفان وهو في عمر الرابعة والثلاثين، بعد ان سمع بالدعوة ويقال أن خالته الكاهنة هي من دعته إلى الإسلام، ويقال أن أمه عندما قال لها زوجها عن انحياز ابنها لمحمد صلى الله عليه وسلم، قالت له: أموالنا وأنفسنا دون محمدٍ، وهذا يوضح مدى تعلق أسرته بمحمد، فلبى أبا بكر عندما دعاه قائلًا " ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟ فقال: بلى واللَّه إنها كذلك، فقال أبو بكر: هذا محمد بن عبد الله قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟ فقال: نعم، وكان رسول الله مارًا حينها وفي فقال له: يا عثمان أجب اللَّه إلى جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه، قال: فواللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبد الله ورسوله.
كان عثمان بعد إسلامه من أفقه المسلمين وأكثرهم حفظًا للقرآن والسنة، يقول عنه محمد بن سيرين: كان أعلم الصحابة بالمناسك عثمان، وبعده ابن عمر، كما كان من اللذين أجادوا الكتابة، فاعتمد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابة الوحي، كما كتب الرسائل والوثائق الهامة، نظرًا لثقافته الواسعة، وكان هو كاتب الوثيقة التي عهد فيها أبي بكر بالخلافة لعمر.
احبه رسول الله حبًا جما وزوجه ابنته السيدة رقية، وهاجرت معه إلى الحبشة، وبعدها إلى المدينة، لكنها مرضت بالحصبة وماتت، وكان ذلك بالتزامن مع موقعة بدر، والتي أمر الرسول فيها عثمان أن يترك الغزوة ويجلس جوار زوجته، وعندما ماتت كان حزينًا لا يرى إلا مهمومًا، لأنه كان يحبها ولأن نسبه بالرسول قد انقطع، وعندما رآه رسول الله كذلك، فسأله مالي أراك مهمومًا؟ قال له قد انقطع الصهر فيما بيني وبينك، فزوجه النبي أختها ام كلثوم، لذلك سمي ذي النورين، لأنه تزوج ابنتي رسول الله.
تولى خلافة المسلمين بعدما حصر عمر الخلافة بين ستة من الصحابة يتشاورون لاختيار الخليفة من بينهم، وهما عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وكان عبد الرحمن بن عوف هو من تولى مهمة إدارة المجلس المنعقد للشورى، وقال لعلي بن أبي طالب وكانت قد انحصرت الخيارات بينه وبين عثمان بن عفان، إن لم أبايعك فمن تختار للخلافة؟ قال: عثمان بن عفان، وسأل عثمان نفس السؤال فقل: علي بن أبي طالب، وسأل بقية الصحابة، وتوصل ابن عوف إلى أن رأي معظم الصحابة مع عثمان، وتمت مبايعته يوم الجمعة 6 نوفمبر 644، ليصبح ثالث خلفاء المسلمين.